الكويت الاخباري

"غزة على الصليب" لحسن خضر: بحثاً في معنى الحرب الجارية ودلالاتها - الكويت الاخباري

رام الله - "أيام الثقافة": صدر للكاتب حسن خضر، عن دار رياض الريس في بيروت، كتاب "غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها". يقع الكتاب في 270 صفحة من القطع المتوسّط، ويعالج أفكاراً وثيقة الصلة بالحرب الحالية بداية من لحظة الهجوم المباغت على مستوطنات غلاف غزة في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 وحتى كانون الثاني 2025.
في الكتاب ثلاثة محاور أساسية، أولها: أن للحرب، مطلق حرب، حياتها الخاصة، بعد صمت المدافع. فما يبدو من نتائج في زمن القتال، قد يؤدي إلى تداعيات لم تكن في الحسبان. يمكن التأريخ لتراجع فكرة الحركة القومية العربية، مثلاً، بحرب العام 1967. وبالقدر نفسه، يمكن الكلام عن حرب "سلامة الجليل" التي شنها الإسرائيليون على لبنان في العام 1982، التي حقق خلالها الإسرائيليون نتائج سريعة في أيامها الأولى، للتدليل على حقيقة أنها لم تحقق 40 عاماً من السلام، كما توقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، في لقاء مع الصحافيين، على أنقاض قلعة الشقيف في جنوب لبنان.
لذا، وبقدر ما يتعلّق الأمر بالحرب الحالية، من السابق لأوانه الخروج بخلاصات سريعة، فما يحتل المتن الآن قد يبدو هامشياً بعد سنوات قليلة، وثمة ما لا يبدو واضحاً للعيان ولكنه سيفرض نفسه في وقت لاحق.
بيد أن وجود حياة مستقلة للحرب لا يعني عدم إمكانية رسم خطوط عامة عريضة. فليس من السابق لأوانه القول: إن الحرب على غزة، وعلى الفلسطينيين عموماً، لحظة فارقة في تاريخ القرن الحادي والعشرين، وأنها قد ألحقت ضرراً وجودياً بفكرة الدولة الإسرائيلية نفسها. وبالنسبة للفلسطينيين فإن الكلام عن تصفية القضية الفلسطينية، كنتيجة مباشرة لهذه الحرب، يعبّر عن مخاوف أكثر مما يدل على واقع متحقق، أو قيد التحقيق، فلا إمكانية لتصفية المسألة الفلسطينية مع وجود 14 مليون فلسطيني، نصفهم في فلسطين التاريخية.
يتمثل المحور الثاني في تشخيص وتحليل العنف غير المسبوق في تاريخ العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، الذي وسمته محافل ومرجعيات دولية ذات صلة بالإبادة الجماعية، وجرائم الحرب. وسم هذا العنف الحرب منذ لحظتها الأولى، ونال الدعم الكامل والتواطؤ الصريح من جانب قوى مختلفة في الغرب الأميركي والأوروبي. لذا، ثمة ما يستدعي التفسير.
يتمثل أحد التفسيرات المحتملة في نجاح نتنياهو في تحويل إسرائيل، على مدار العقود القليلة الماضية، إلى مصدر إلهام لليمين الأميركي والأوروبي ومناطق أخرى من العالم، كما في حالة بولسونارو في البرازيل. وقد أسهم تضافر هذه الحقيقة مع تحيّزات دينية، وسياسية، وأيديولوجية سابقة، في النظر إلى إسرائيل كحامية للحضارة الغربية، وإلى حروبها، في الشرق الأوسط، وفي طليعتها الحرب الحالية، كدفاع عن الحضارة الغربية. في تحوّلات كهذه معطوفة على تآكل القانون الدولي، وحالة التخريب المتعمد لنظام العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، ما يفسر الحالة المعنية.
أما المحور الثالث فيتمثل في تحليل أوهام واستيهامات الصعود الإمبراطوري للقوة الإسرائيلية في الشرق الأوسط. فهي في حالة صراع على مركز الأولوية مع قوتين صاعدتين هما التركية والإيرانية. وبالنظر إلى تداعيات القتال على الجبهة اللبنانية، وما أعقب سقوط نظام آل الأسد في سورية، تبدو بلاد الشام كنطاق، بالمعنى الأمني، للقوّة الإسرائيلية الصاعدة، وساحة للتنافس مع القوتين الإيرانية والتركية.
والجدير بالذكر، في هذا السياق، أن الأفكار الرئيسة الواردة في هذا الكتاب سبق نشرها في جريدة "الأيام"، وقد أسهب الكاتب في توسيع نطاقها، وأضاف إليها الهوامش والشواهد والمراجع الأساسية لتصبح بحثاً في معنى ودلالات الحرب، والعنف، والصراع على مركز الأولوية في الشرق الأوسط.

 

أخبار متعلقة :