الكويت الاخباري

مشهد من إعدام ميداني على أيدي مستوطنين بالضفة - الكويت الاخباري

كان كامل مصلط في منزله بولاية فلوريدا الأميركية عندما تحدث إلى ابنه سيف الله (سيف) للمرة الأخيرة، الذي كان يزور بلدهم الأصلي المزرعة الشرقية في الضفة الغربية المحتلة.

كان سيف يبلغ من العمر 20 عاما، وكانت معنوياته عالية وهو يحدث والده أنه وجد الفتاة التي يرغب بالزواج منها ويتحدث بحماس عن الترتيبات.

بعد 4 أيام فقط، استيقظ كامل في صباح 11 يوليو/تموز على اتصال من ابنه الأصغر محمد الذي يبلغ 18 عاما، يخبره بأن المستوطنين قد هاجموا سيف.

في ذلك الوقت، كان سيف ملقى على الأرض بالقرب من شجرة بلوط، حيث اختبأ هربا من هجوم المستوطنين الغاضبين؛ كان فاقدا للوعي ويعاني صعوبة في التنفس.

وبحلول الوقت الذي نُقل فيه إلى سيارة الإسعاف، كان قد فارق الحياة.

عُثر لاحقا في تلك الليلة على صديق سيف، محمد رزق الشلبي (23 عاما) من بلدة المزرعة، وقد أُصيب بطلق ناري وتعرض للضرب والتعذيب، قبل أن يُترك ينزف حتى الموت.

وحصل موقع الجزيرة الإنجليزي على إفادات من شهود عيان وضحايا ومسؤولين محليين ومسعفين ومتطوعين في فرق البحث والإنقاذ.

وهذه هي رواية إعدام سيف ورزق على يد حشد من المستوطنين الإسرائيليين.

هجمات المستوطنين على الفلسطينيين تزايدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة (الجزيرة)

من نزهة هادئة إلى مشهد مرعب

في الـ11 يوليو/تموز، قرر سيف ورزق والعديد من أصدقائهم بعد صلاة الظهر الذهاب في نزهة إلى منطقة الباطن لقضاء بعض الوقت في أحد بساتين عائلاتهم.

تقع الباطن على منطقة تلالية مغطاة بأشجار الزيتون بين بلدة المزرعة وبلدة سنجل المجاورة، وينتشر فيها نحو 45 بيتا صيفيا، تعود ملكية معظمها لفلسطينيين أميركيين من البلدات المحيطة.

كان عدد من الشبان لا يزالون في ملابس الصلاة حين توقفوا بسياراتهم عند أسفل التلة المؤدية من سنجل إلى منطقة الباطن، في يوم صيفي حار. لم يخططوا للبقاء طويلا، بل لقضاء وقت قصير بين ظلال أشجار الزيتون.

إعلان

كان الأصدقاء يمضون الوقت معا، يتبادلون النكات والضحكات، إلى أن اقتربت منهم، نحو الساعة 2:15 ظهرا، مجموعة من المستوطنين كثيرون منهم كانوا يحملون العصي أو الهراوات، وبعضهم كان مسلحا بالأسلحة النارية.

بدأ المستوطنون برشق الحجارة على الشبان، كما أظهرت تسجيلات مصورة من ذلك اليوم. وأشار تسجيل آخر نشره المستوطن اليميني المتطرف إليشاع فيريد إلى أن بعض الشبان الفلسطينيين قد ردوا بإلقاء الحجارة.

تفرق الشبان وهم يركضون هربا من عنف المستوطنين، الذين بدؤوا بالاتصال بمستوطنين آخرين للالتحاق بهم.

هكذا بدأ الهجوم الذي استمر لساعات، وشارك فيه نحو 70 مستوطنا جابوا منطقة الباطن، يلاحقون ويعتدون على كل من يجدونه أمامهم، مما أسفر عن إصابة 50 شخصا ومقتل اثنين.

وقد سُجّل في عام 2024 ما مجموعه 1449 اعتداء من قبل المستوطنين على فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وفي عام 2023، وثّقت التقارير 863 حادثة بين يناير/كانون الثاني و7 أكتوبر/تشرين الأول، أعقبها 428 اعتداء إضافيا خلال أقل من 3 أشهر بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.

أما في النصف الأول من عام 2025، فقد تم توثيق 759 اعتداء جديدا.

إنفوغراف المكان الذي قتل فيه رزيق وسيف على يد حشد من المستوطنين الإسرائيليين (الجزيرة)

ابن محبوب جاء من أميركا الصغيرة

وُلد سيف الله مصلط في 28 يوليو/تموز 2004 في مدينة تامبا بولاية فلوريدا الأميركية، لأسرة تحمل الجنسية الأميركية.

عاش سيف سنواته الأولى في فلوريدا حتى الصف الثالث الابتدائي، قبل أن تنتقل العائلة عام 2012 إلى بلدتهم الأصلية، المزرعة الشرقية، حيث استقروا في حيّ يُعرف محليا بـ"أميركا الصغيرة"، وهو حيّ تتراص فيه منازل كبيرة تملكها عائلات فلسطينية أميركية.

كبر سيف بين أهله وأبناء بلدته، واشتهر بين عائلته وأصدقائه بروحه المرحة وحسّه الفكاهي. كان "خفيف الظل"، كما يصفه المقرّبون، لا يتوقف عن إضحاك من حوله، وترك دائما أثرا دافئا في كل مجلس حضره.

بعد10 سنوات، وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية التي تقع بالقرب من منزل العائلة في المزرعة، عاد سيف إلى تامبا ليشرف على إدارة مشروع العائلة الجديد: متجر آيس كريم يحمل اسم "آيس سكريمين".

وصف والده كامل، وهو منهك عاطفيا، ابنه الأكبر بأنه كان شابا محترما ومجتهدا في عمله.

قال كامل وهو واقف أمام منزل العائلة في المزرعة: "كل مرة كان يأتيه تقييم إيجابي من الزبائن، كان يرسله لي بفخر."

وكان سيف يرد على والده قائلا: "قلت لك! قلت لك! أنا الأفضل في خدمة العملاء".

بعد أن عمل 6 أيام في الأسبوع لأكثر من عام، قرر سيف العودة إلى الضفة الغربية المحتلة لزيارة قصيرة مدتها شهران.

وصل في بداية يونيو/حزيران، بينما عاد والده كامل إلى فلوريدا لمتابعة سير العمل في المتجر.

كان سيف يرغب في فرصة للاسترخاء، وإعادة التواصل مع والدته وإخوته، بالإضافة إلى أصدقائه في البلدة.

مثل رزق، الذي تخرج من نفس المدرسة الثانوية، وكان معروفا كرياضي ولاعب قفز طويل. نشأ كلاهما في بيئة دينية وكانا مسلمين ملتزمين.

كما كان سيف يأمل أن يتعرف على فتاة ويختارها للزواج، خاصة مع تزايد عدد أصدقائه الذين أعلنوا خطوبتهم، مما زاد حماسه وتشجيعه على هذه الخطوة.

إعلان

يوم من الرعب

في يوم الهجوم، تفرق الأصدقاء في حالة من الذعر، بعدما طاردهم المستوطنون المسلحون، وكان أحدهم قد أطلق النار باتجاههم، بينما بدأ الجميع بالركض شرقا نحو شارع 60 ومنطقة المزرعة، اتجه رزق و3 شبان آخرين شمالا، في حين توجه سيف والبقية جنوبا.

ولكن عدة شاحنات كانت تحمل 3 أو 4 مستوطنين، انطلقت من شارع 60 واقتحمت أراضي منطقة الباطن، لتترك المجموعة محاصرة بين المستوطنين الذين يطاردونهم من الشمال وآخرين في المركبات من الجنوب.

وقامت مركبتان يقودهما مستوطنون بملاحقة اثنين من الفتية ودهسهما عمدا.

بحلول الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، كان القرويون قد تلقّوا رسائل استغاثة من الفلسطينيين الذين كانوا مطاردين، فتوجّهوا إلى الطريق الترابي المؤدي إلى منطقة الباطن لمحاولة تقديم المساعدة.

لكن طائرة مسيّرة تابعة للجيش الإسرائيلي حلّقت فوقهم وأطلقت قنابل الغاز المدمع باتجاههم، أعقبها وصول مركبة عسكرية إسرائيلية، حيث قام الجنود بإلقاء المزيد من قنابل الغاز على القرويين.

"في تلك اللحظة، لم نكن نعرف ما طبيعة الإصابات ومن أُصيب؟ ما حجم الأضرار؟ هل هناك من لا يزال حيّا؟ لا نعلم شيئا." يروي معتز طافشة رئيس بلدية سنجل.

مقتل شابين

واصل رزق الركض ومعه شاب تحدث لاحقا إلى الجزيرة طالبا عدم الكشف عن هويته حفاظا على سلامته.

قال إن رزق تعثر أثناء قفزه فوق جدار حجري وأُصيب في ساقيه، لكنه رغم ذلك انضم إليه لمساعدة فتيان كانا بحاجة إلى النجدة فحملاهما معا إلى مكان آمن.

ولكن بعد ذلك وجد رزق وصديقه أنفسهما محاصرين من قبل المستوطنين.

حاولا الفرار، لكن بينما كان صديقه يهرب بين الشجيرات للاختباء، رأى أحد المستوطنين يطلق النار على رزق ويصيبه في صدره.

بدأ المستوطنون يصرخون: نعم! أصبتك!"، يروي الشاهد، واصفا كيف تجمّع عدد من المستوطنين حول رزق وهو ملقى على الأرض.

وفي وقتٍ متزامن تقريبا مع إطلاق النار، كان رزق قد اتصل بعائلته، لكن العائلة قالت إن المكالمة لم تستمر سوى ثوانٍ، ولم يُسمع صوت رزق خلالها، بل فقط صرخات بالعبرية في الخلفية.

هرب صديق رزق مسرعا عبر سفح الجبل باتجاه الشرق.

وعند الساعة 3:18 مساء، أرسل رسالة صوتية مذعورة إلى مجموعات واتساب المحلية، يستنجد: "حدا استُشهِد!"، بحسب تعبيره.

تقديرات لاحقة أعادت بناء الأحداث وذكرت أن رزق قد يكون لا يزال على قيد الحياة في ذلك الوقت، لكنه كان ميتا بحلول الوقت الذي تمكنت فيه فرق البحث من الوصول إلى المنطقة للبحث عنه.

في هذه الأثناء، كان سيف وآخرون يركضون لإنقاذ حياتهم في الجنوب، متجهين نحو عين الصرارة.

كما أكد أفراد الأسرة للجزيرة، تم القبض على أحد هؤلاء الشباب في الطريق وتم تقييده من قبل عصابة مكونة من نحو 9 مستوطنين.

يقول الشهود إن المستوطنين ضربوا الشاب مرارا في ركبته بأسلحتهم، ثم جروه، مقيدا، إلى سيارة وأطلقوا الرصاص حوله.

ثم ألقوه على الأرض مرارا وتكرارا، حتى بدأ الشاب يتوسل إليهم ليقتلوه.

قال صديق على تيك توك: "قالوا: "لن أقتلك" سأقطع ذراعيك وساقيك وأرميك على جانب الطريق مثل الكلب".

وفقا للناشط في سنجل عايد غفاري، كان من بين المستوطنين ياهاريف مانغوري، الذي يُزعم أنه قائد بناة النقطة الاستيطانية في الباطن، وكان يحمل بندقية M16.

في وقت لاحق، عرّف مانغوري نفسه في مقابلة مع قناة 14 الإسرائيلية بأنه "مالك" بؤر الباطن.

تمكن سيف والآخرون من الصعود إلى التل، ولكن في حوالي الساعة 3:30 مساء، واجهتهم مجموعة من المستوطنين قادمة من أسفل التل وهاجموهم من الأعلى، وفقا لما قاله غفاري الذي تحدث مع الشبان.

إعلان

كان المستوطنون يقذفون الشبان بالحجارة، مع مرور رصاصات بين الحين والآخر بجانبهم وهم ينزلون التل.

أحد المستوطنين ضرب سيف في ظهره بحجر، مما أسقطه. أحاطت به مجموعة من المستوطنين فورا الذين ضربوه بالعصي في كل مكان، وفقا للشهود.

وفي حالة ارتباك، نهض سيف على قدميه بعد أن توقف المستوطنون عن ضربه، متجها نحو الجنوب أسفل التل حتى صادف شجرة بلوط كبيرة حيث كان شاب فلسطيني مختبئا.

انخفض إلى الأرض هناك مُنهَكا، لمدة ساعتين ونصف بينما كان الشاب يحاول الوصول إلى الناس من المزرعة، طالبا المساعدة.

كان سيف يتقيأ ويكافح من أجل التنفس، وكانت حالته تتدهور كل دقيقة. عندها سمع محمد أن أخاه الأكبر في ورطة.

يعمد الاحتلال ومستوطنون إلى عرقلة سيارات الإسعاف للمصابين الفلسطينيين حتى يستشهدوا (الجزيرة)

منع سيارات الإسعاف من إنقاذ المطاردين

كانت سيارات الإسعاف الفلسطينية تحاول الوصول إلى منطقة الباطن منذ الساعة 2:45 بعد الظهر، مع بدء تسرّب الأخبار عمّا كان يحدث هناك، لكنها وجدت طريقها مغلقا من قبل المستوطنين الإسرائيليين والجنود معا.

كان رئيس البلدية، طافشة، ينسّق مع الارتباط العسكري الإسرائيلي في وقت مبكر من بدء الهجمات، طالبا الإذن من الجيش الإسرائيلي لإدخال سيارات الإسعاف إلى الباطن.

وقد تم إبلاغه بأن الإذن قد صدر بالفعل، ومع ذلك، تعرّضت إحدى سيارات الإسعاف لهجوم على الطريق.

عندما اقتربت سيارة الإسعاف، قام مستوطنون يستقلون شاحنة صغيرة كانت تسير في الاتجاه المعاكس على شارع 60 برشقها بالحجارة، مما أدى إلى تحطيم الزجاج الأمامي.

توقّف الطاقم لتفقد الأضرار، لكن شاحنة أخرى تقل مستوطنين وصلت إلى المكان، فقاموا بتحطيم الزجاج الخلفي وتخريب السيارة.

في حوالي الساعة 3:30 مساءا، تذكر طافشة أنه رأى مستوطنين قرب منطقة الباطن يهاجمون مجموعة من الفتية الفلسطينيين ويمنعون سيارات الإسعاف القادمة من الدخول.

ثم وعلى الرغم من حصوله على إذن رسمي من الارتباط العسكري، فقد قامت قوات الجيش الإسرائيلي أيضا بمنع سيارات الإسعاف من دخول الباطن، مما أدى إلى تأخير دخولها حتى تم السماح لها بالمرور قرابة الساعة الرابعة مساء.

وفي غضون 10 دقائق، عثرت سيارة الإسعاف على الشاب الذي حطم المستوطنون ركبته، ونقلته إلى البلدة تمهيدا لتحويله إلى مستشفى الاستشاري قرب رام الله. ثم عادت سيارة الإسعاف قبيل الساعة الخامسة مساء لاصطحاب مصاب آخر.

وعندما حاولت سيارات الإسعاف العودة مجددا، أوقفها الجيش الإسرائيلي لنحو 40 دقيقة، بحسب ما أفاد به طافشة، الذي كان متواجدا في الموقع آنذاك.

وأضاف طافشة: "ثم خرج إلينا شاب وقال: "يا جماعة، معي شخص في خطر… يختنق، لا يستطيع التنفس".

إنفوغراف -هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين (الجزيرة)

العثور على سيف

عندما سمع محمد أن أخاه في ورطة، انطلق مع أحد أصدقائه للبحث عنه، مصممين على اختراق صفوف المستوطنين الهائجين والجنود الإسرائيليين.

وكانت مجموعة أخرى من الشبان قد انطلقت قبلهم بقليل أيضا للبحث عن سيف، بعد أن أقلقهم نداء الاستغاثة الصادر من الشاب الذي كان مختبئا تحت شجرة البلوط.

وانطلقت المجموعتان كلٌ على حدة من بلدة المزرعة، إلى أن وصلوا إلى مكان سيف، بفارق نحو 20 دقيقة بينهما، حيث وصل محمد وصديقه في النهاية عند الساعة 5:20 مساء.

وحين وصلوا، لم يكن بمقدورهم سوى الانتظار على أمل أن تصل سيارة إسعاف قريبا. كانت التضاريس وعرة جدا، ولم يعرفوا طبيعة إصابة سيف، وإن كانوا لا يستطيعون تحريكه، فلم يكونوا يعرفون حتى أي طريق قد يكون آمنا.

ولاحقا فقط، تمكن طاقم إسعاف من عبور المنطقة الوعرة سيرا على الأقدام حتى وصل إلى شجرة البلوط، حيث كان الشبان القلقون ملتفين حول سيف، فاقدا للوعي.

عند الساعة 6:05 مساء، حمّله المسعفون على نقالة، وبدأ الجميع السير معه لمدة 20 دقيقة حتى وصلوا إلى سيارة الإسعاف المتوقفة على أقرب طريق.

لكن بحلول الوقت الذي وصلوا فيه، كان سيف قد فارق الحياة.

حينها، أمسك محمد هاتفه واتصل بوالده، وقال له بصوت يملؤه الحزن والانكسار: "لا أعرف كيف أقول لك هذا… لكن ابنك، أخي سيف، قد رحل. لقد شهدت أنفاسه الأخيرة".

"إنفوغراف" الفلسطينيون الذين تم تهجيرهم (الجزيرة)

خدع قذرة ومماطلة متعمدة

نُقل سيف إلى المستشفى القريب من رام الله.

وأثناء وجوده هناك، تلقى رئيس البلدية طافشة اتصالا من والدة رزق، أخبرته فيه أن ابنها مفقود.

إعلان

تواصل طافشة مع الارتباط الفلسطيني، والذي بدوره استفسر من الجيش الإسرائيلي، فجاء الرد بأن الجيش قد اعتقل رزق.

لكن في الوقت ذاته، بدأت ترد تقارير وشهادات من شهود عيان تفيد بأن مستوطنين أطلقوا النار على رزق في وقت سابق من ذلك اليوم، وهو ما نقله طافشة إلى الارتباط الفلسطيني.

وجاء الرد من الجيش الإسرائيلي: في الواقع، الشخص الذي تم اعتقاله لم يكن رزق.

وفي حديثه مع قناة الجزيرة، وصف الناشط غفاري هذا التضارب في هوية رزق بأنه مثال على ما سمّاه "الخدع القذرة" من جانب الجيش الإسرائيلي.

وقال طافشة: "طلبت فورا من الارتباط أن نخرج للبحث عنه، وقلت لكل الشبان أن يخرجوا معي وينتظروا الإذن من الارتباط العسكري لبدء البحث".

كان الظلام قد حل عندما بدأ البحث، بقيادة صديق رزق الذي شاهد إطلاق النار عليه.

عُثر على جثمان رزق عند الساعة العاشرة مساء.

وقال أول شخص رأى جثمان رزق، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ الأمر كان واضحا بأن المستوطنين قد ضربوه ضربا مبرحا – إذ كانت يده مشدودة وذراعه ملتوية بشكل غير طبيعي.

"إنفوغراف" الفلسطينيون المصابون على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين (الجزيرة)

أعلم أنني لن أحصل على العدالة

اتصل سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، مايك هاكابي، بكامل لتقديم تعازيه، وقال إنه سيطلب من إسرائيل فتح تحقيقات في ما حدث.

وقال كامل خارج منزل عائلته: "أعلم أنني لن أحصل على العدالة، لكن إذا استطعنا إيقاف التطرف الاستيطاني الإسرائيلي، والتخريب والعنف… فقط أريد أن أنقذ الباطن".

ووفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، تم اعتقال 6 مستوطنين على خلفية الحادث، رغم عدم وجود متابعة أو نتائج معلنة.

وقال طافشة عن التحقيقات: "أتوقع ألا نظفر بأي نتائج. في النهاية، سيأتون بمليون سبب لتبرير الأفعال الهمجية والإرهابية ضد بلدنا.

بدلا من ذلك، أخبر السكان الجزيرة لاحقا أن إسرائيل اعتقلت 3 ناشطين وصبيا من المزرعة. حيث قام الجنود بإخراج أحد الناشطين من سيارة إسعاف واحتجازه، ثم أطلقوا سراحه لاحقا.

وبسبب عدم ثقته في النظام القضائي الإسرائيلي، يطالب كامل وزارة الخارجية الأميركية بفتح تحقيق مستقل.

كانت حادثة الاعتداء الدامي في 11 يوليو/تموز ذروة تصعيد في توسع المستوطنين على أراضي سنجل خلال الأشهر الثلاثة السابقة. ففي أبريل/نيسان، تم بناء أول مستوطنة من 3 مستوطنات في الباطن، وتبعتها هجمات مستوطنين على الفور.

وبين يناير/كانون الثاني 2024 ويونيو/حزيران 2025، تم تهجير ما لا يقل عن 35 ألفا و969 فلسطينيا في الضفة الغربية المحتلة.

الغالبية العظمى -29 ألفا و338 شخصا، أي 82%- فروا من غارات عسكرية إسرائيلية عنيفة.

وتم تهجير ألفين 2825 شخصا (8%) بسبب هدم المنازل، و1133 شخصا (3%) نتيجة عنف المستوطنين.

وفقد نحو 2673 شخصا (7%) منازلهم بسبب عدم حصولهم على تصاريح بناء، التي يُعرف أنها شبه مستحيلة الحصول عليها للفلسطينيين.

تقع قرى سنجل والمزرعة والباطن مقسمة بين المناطق (أ، ب، ج) حسب اتفاقيات أوسلو. المنطقة "أ" تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الفلسطينية، بينما المنطقة "ب" تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والعسكرية الإسرائيلية، والمنطقة "ج" تخضع للسيطرة العسكرية والمدنية الإسرائيلية الكاملة.

ووفقا لسكان محليين، فقد وقعت الهجمات الأولى في ذلك اليوم في المنطقة "أ".

الغالبية العظمى من المستوطنات غير القانونية والمستوطنات العشوائية، بالإضافة إلى الاعتداءات على الفلسطينيين من قبل المستوطنين، تقع في المنطقة "ج"، التي تخضع للسيطرة العسكرية والمدنية الإسرائيلية الكاملة.

منذ أبريل/نيسان الماضي، يقوم المستوطنون الإسرائيليون بالتجوال في الأراضي، مهاجمين القرويين الفلسطينيين بالعصي والأسلحة، ومشعلين حرائق في بساتين الفلسطينيين.

واليوم، تعد معظم الأراضي الخصبة على تلال الباطن متفحمة بالسواد ومهجورة، حيث يخشى أصحابها التوجه إليها.

إنفوغراف-الفلسطينيون الذين استُشهدوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين (الجزيرة)

 

 

أخبار متعلقة :