الكويت الاخباري

نادية صبرة تكتب: نتنياهو بين الحلم والجنون السياسي - الكويت الاخباري

فى خطوة أثارت عاصفة من الجدل الإقليمي والدولي، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحات غير مسبوقة خلال مقابلة مع قناة i24 أعلن فيها أنه يشعر بأنه فى (مهمة تاريخية وروحية) مرتبطة برؤية إسرائيل الكبري رؤية لا تقتصر على حدود فلسطين المحتلة بل تمتد وفقا للمفهوم الصهيوني المتشدد لتشمل اجزاء من الأردن ومصر وسوريا ولبنان!!

المقابلة اكتسبت بعدا رمزيا لافتاً حين أهدى المذيع (شارون غال) وهو عضو كنيست سابق لنتنياهو تميمة تحتوي على خريطة (الأرض الموعودة) وسأله إن كان يوافق على هذه الرؤية فجاء الرد مؤكداً وبحماسة : جدا واضاف نتنياهو: (أنا فى مهمة تمتد عبر الأجيال؛ هناك أجيال من من اليهود حلمت بالقدوم إلي هنا وستأتي اجيال أخري بعدنا) مؤكدا أن مهمته تحمل طابعا تاريخيا وروحيا في آن واحد!! بهذه الكلمات أطلق نتنياهو ما يمكن وصفه بـ(قنبلة سياسية) أعادت إلي الواجهة اخطر مشاريع اليمين الصهيوني وربما مهدت لمرحلة أكثر توتراً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

ورغم أن فكرة (إسرائيل الكبري) كانت دائما حاضرة في أدبيات التيار الصهيوني اليميني المتطرف إلا أن تبنيها علنا وعلى لسان رئيس الوزراء يمثل تحولا خطيراً في الخطاب الرسمي الإسرائيلي فبدلاً من الاكتفاء بالسياسات التوسعية على الأرض بات الحديث عن هذا المشروع يتم أمام الإعلام وبوضوح بما يعكس انتقاله من خانة (الطموح الايديولوجي) إلي خانة (الإعلان السياسي)..

ويبدو أن نتنياهو يدرك جيداً طبيعة الظرف التاريخي الصعب الذي يمر به الشرق الأوسط من حروب وانقسامات وأزمات داخلية فيسعى لاستغلاله لتمرير أجندته التوسعية، كما يجد أمامه شخصية استثنائية في دعم إسرائيل هي الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) الذي صرح سابقاً بأن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع في تشبيه لافت بأنها مثل قلم على منضدة كبيرة ! ! فى إشارة واضحة إلى أن هذا التوسع سيكون على حساب دول المنطقة.

ولعل تصريح نتنياهو يفتح الباب أمام قراءات متعددة حول الهدف منه:

أولا رسالة للداخل الإسرائيلي في محاولة لاستنهاض القاعدة اليمينية المتطرفة وإعادة إنتاج الخطاب التوراتي الذي يربط الصراع بجذور دينية وتاريخية 

ثانيا رسالة للخارج في تحدي مباشر للعرب والمجتمع الدولي مفاده أن إسرائيل لا تري فى حدود ١٩٦٧ نهاية للصراع بل بداية لمرحلة جديدة من التوسع 

وقوبلت تصريحات نتنياهو بإدانات عربية واسعة، حيث وصفتها مصر والسعودية والأردن بأنها تمثل تصعيدا خطيراً وتهديدا للأمن القومي العربي ويسجل لهذه المواقف قوتها وسرعة صدورها لكن الموقف الحالي يتطلب ما هو أبعد من بيانات الإدانة إذ يجب أن تتحول إلى اتحاد عربي فعلي لمواجهة هذه المخططات التي بدأ تنفيذها بالفعل ويكفي أن قرار (الكابينت) الإسرائيلي باحتلال غزة ليس سوي الشرارة الأولى لمرحلة التطبيق العملي لرؤية (الأرض الموعودة) فالخطر إذا ترك لن يقف عند حدود فلسطين بل سيمتد ليهدد كل الدول العربية بلا استثناء.. وفي زمن الفوضى يخطئ من يظن أن الخرائط تكتب بالرصاص وان التاريخ يعاد رسمه بدم الآخرين لذا فرسالتي للسيد نتنياهو هي:- اعلم انك تحب قراءة التاريخ لكن يبدو انك تفضل قصص الخيال أكثر.. احلامك التوسعية لن تتحقق إلا في خرائطك المعلقة على الجدران أو في مناماتك بعد عشاء ثقيل.. تذكر أن كل من حاول ابتلاع الشرق الأوسط من قبلك ابتلعته رماله أولا وانك مهما رسمت حدوداً على الورق فإنها ستذوب مع أول مطر من إرادة الشعوب.

أخبار متعلقة :