المنامة في 26 مايو/ بنا / نظمت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى مملكة البحرين منتدى " الاقتصاد الدائري .. نحو اقتصاد مستدام"، صباح اليوم (الاثنين)، بمشاركة نخبة من المسؤولين ورجال الأعمال من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وذلك انطلاقًا من عمق الروابط الأخوية الوثيقة، والرؤى المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين وتعاونهما الاقتصادي الرائد في مختلف المجالات، والذي يعد نموذجًا في التكامل والشراكة، والتزام البلدين بتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري، كجزء من استراتيجياتهما الوطنية، لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار.
وسلط المنتدى الذي أقيم في "منتجع العنوان الشاطئ" بمنطقة ديار المحرق، الضوء على الاقتصاد الدائري، باعتباره نموذجًا اقتصاديًا متكاملًا يهدف إلى تعزيز مفاهيم الاستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي، من خلال تبني تطبيقات تقليل الهدر وزيادة الكفاءة، وإعادة التدوير والحفاظ على الموارد الطبيعية والمواد الأولية.
وقد ألقى سعادة فهد محمد بن كردوس العامري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لدى مملكة البحرين، كلمة في افتتاح المنتدى، أكد فيها أهمية الاقتصاد الدائري، الذي يمثل اليوم محورًا للاهتمام نظرًا لدوره المحوري في تعزيز الاستدامة وكفاءة استغلال الموارد، وتقليل الهدر، وإعادة التدوير، مشيراً إلى أن تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى أن تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري يمكن أن يضيف 4.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي، ويوفر ملايين فرص العمل بحلول عام 2030.
وأوضح سعادة السفير، في كلمته، أن التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة تبرز الاقتصاد الدائري كحل مبتكر يعيد صياغة طرق الإنتاج والاستهلاك بشكل مستدام، وبما يتماشى مع مستهدفات الوصول إلى الحياد الكربوني.
ودعا المستثمرين والقطاع الخاص في البلدين الشقيقين إلى استكشاف الفرص الواعدة في قطاع الاقتصاد الدائري، بما يسهم في ضمان استدامة الموارد، وتحقيق الرفاه للأجيال القادمة، وبناء مستقبل اقتصادي مستدام ومزدهر.
وأكد سعادته أهمية التعاون المشترك في هذا القطاع الواعد، الذي يمثل فرصة لدعم جهود البلدين في تحقيق النمو الاقتصادي المتوازن مع الحفاظ على الموارد، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات تستهدف استثمارات بقيمة 160 مليار دولار في قطاعات الاقتصاد الجديد، بما في ذلك الاقتصاد الدائري، خلال العقود الثلاثة المقبلة.
وقال سعادته: "قيادة وحكومة دولة الإمارات اهتمت بالاقتصاد الدائري، واستطاعت أن تبرز كنموذج رائد في خلق بيئة جاذبة لهذا الاستثمار، من خلال بيئة داعمة تشمل تشريعات مرنة، وحوافز استثمارية، وبنية تحتية متميزة، تجعلها تسير بخطى واثقة نحو تبني الاقتصاد الدائري، بما يواكب رؤية الإمارات 2071 التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام".
وأضاف سعادته أنه " تحقيقًا لهذه الأهداف، تم اعتماد سياسة وطنية للاقتصاد الدائري، لتكون إطار عمل يهدف إلى تحديد أولويات الدولة في تعزيز هذا المفهوم في عدد من القطاعات ذات الأولوية، وهي: البنية التحتية الخضراء، والنقل المستدام، والتصنيع المستدام، وإنتاج واستهلاك الغذاء المستدام".
بعدها، تم عرض كلمة مسجلة لمعالي السيد عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، رئيس مجلس الاقتصاد الدائري بدولة الإمارات العربية المتحدة، سلّط خلالها الضوء على الاقتصاد الدائري، الذي يُعد إحدى ركائز النموذج الاقتصادي الجديد لدولة الإمارات في ضوء رؤية "نحن الإمارات 2031".
وأوضح معاليه أن مفهوم الاقتصاد الدائري يقوم على التحكم في الموارد، وتقليل هدر السلع والطاقة، وتطوير آليات مستدامة للاستفادة من المواد الأولية وإعادة تدويرها بالشكل الذي يلبي احتياجات الإنسان ومتطلبات التنمية.
وأكد معاليه أن حكومة دولة الإمارات، وبتوجيهات قيادتها الرشيدة، أدركت مبكرًا أهمية تبني نموذج الاقتصاد الدائري لما يحمله من فوائد اقتصادية وتنموية، تتوافق مع إستراتيجية الدولة الرامية إلى ترسيخ مكانة الإمارات كمركز اقتصادي عالمي، يحمل العديد من فرص النمو والازدهار لأصحاب المواهب والشركات الريادية من جميع أنحاء العالم، ولاعبًا رئيسيًا في الجهود العالمية للتنمية الخضراء.
وأشار معاليه إلى أن مجلس الوزراء اعتمد سياسة دولة الإمارات للاقتصاد الدائري، والتي تستهدف تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية، بما يضمن جودة حياة للأجيال الحالية والمستقبلية.
وأضاف أن المجلس طوّر خلال المرحلة الماضية نحو 22 سياسة ومجموعة من المبادرات والشراكات الدولية المهمة، بهدف تسريع وتيرة التحول نحو نموذج الاقتصاد الدائري في دولة الإمارات، في أربعة قطاعات رئيسية: التصنيع، والغذاء، والبنية التحتية، والنقل.
وأشار إلى أن وزارة الاقتصاد، وبالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين على المستويين المحلي والدولي، عملت على دعم هذه الرؤية، وأطلقت مبادرة "الاقتصاد يتحول إلى الرقمي" بالشراكة مع مجموعة "إينتيسا سان باولو الإيطالية"، التي خصصت مبلغ 6 مليارات يورو لدعم الانتقال نحو الاقتصاد الدائري عالميًا، بالتعاون مع مجموعة من الشركاء الدوليين.
وأوضح معاليه أن هذه المبادرة تهدف إلى دعم الابتكار، وإعادة التصنيع، وإتاحة الفرص الاستثمارية أمام الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في الدولة، وتعكس هذه الجهود مدى التزام حكومة دولة الإمارات بتمكين أدوات التنمية الخضراء، واعتماد نموذج الاقتصاد الدائري كأولوية ضمن أجندتها التنموية للخمسين عامًا المقبلة، انطلاقًا من حرصها على ترسيخ مكانة الدولة عالميًا كأحد أكثر الاقتصادات الدائرية تطورًا.
وأكد معاليه أن هناك فرصًا اقتصادية واسعة مرتبطة بالتحول نحو نموذج الاقتصاد الدائري، مشيرًا إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع أن يحقق الاقتصاد الدائري أكثر من 4.5 تريليون دولار من الفوائد الاقتصادية بحلول عام 2030، كما تشير بعض التقديرات إلى أن هذا النموذج يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بمقدار 95 إلى 105 مليارات دولار أمريكي، ويوفر ما بين 205 إلى 306 آلاف فرصة عمل، فضلًا عن تحسين نوعية حياة الناس وخلق فرص نمو جذابة للقطاع الخاص.
وتم خلال جلسات المنتدى استعراض السياسات الوطنية في دولة الإمارات ومملكة البحرين في تطبيق الاقتصاد الدائري، والرؤى والاستراتيجيات التي يتبناها البلدان في هذا الإطار، حيث استعرض السيد طارق السويدي مدير إدارة الاقتصاد الجديد عضو اللجنة التنظيمية لمجلس الاقتصاد الدائري بدولة الإمارات، أبرز السياسات والإنجازات التي حققتها الدولة في تبني مفاهيم الاقتصاد الدائري من ناحية زيادة الإنتاجية وتعزيز الكفاءة ، مشيرا إلى أهمية الجهود الرسمية التي تبذل لتهيئة البيئة التشريعية اللازمة لتعزيز هذا القطاع، ودعم القطاع الخاص للقيام بدور محوري في الاقتصاد الدائري.
كما تطرق السيد ياسر حميد عبدالعال مدير إدارة التخطيط الاقتصادي بوزارة المالية والاقتصاد الوطني بمملكة البحرين من خلال ورقته في المنتدى إلى رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ومبادئها القائمة على التنافسية والعدالة والاستدامة، مشيرًا إلى أهمية دور الاقتصاد الدائري في دعم النمو الاقتصادي بالمملكة، وذلك عبر اسهامه في تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية ، وخلق فرص عمل واستثمارات جديدة ، ورفع كفاءة الموارد وخفض التكاليف.
وأكد التزام مملكة البحرين بالتحول نحو اقتصاد دائري مستدام، من خلال مواءمة السياسات الاقتصادية والبيئية وتطوير البنية التشريعية وتعزيز الشراكات لتحقيق التوازن بين النمو وحماية البيئة.
وأوضح عبدالعال أن حجم سوق الاقتصاد الدائري عالميا بلغ حوالي 554.5 مليار دولار أمريكي في عام 2023 ، وأن التحول إلى الاقتصاد الدائري قد يساهم في خلق 24 مليون وظيفة جديدة عالميا بحلول 2030، كما أن تبني المفاهيم الدائرية يمكن أن تسهم في تقليل كميات النفايات التي تبلغ أكثر من 2 مليار طن سنويا في الوقت الحالي ومتوقع أن تصل إلى 3.8 مليار طن بحلول عام 2050 إلى أقل من 2 مليار طن بحلول 2050.
وتحدث عبدالعال عن مبادرات مملكة البحرين لدعم الاقتصاد الدائري، والتي شملت التوجه إلى الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060 وخفض الانبعاثات بنسبة 30 في المئة بحلول 2035، لافتًا كذلك إلى اطلاق إستراتيجية قطاع الصناعة في ديسمبر 2021 والتي ترتكز على دعم تحول القطاع نحو الثورة الصناعية الرابعة وتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري الكربوني، بالإضافة إلى إطلاق وسم المصنع الأخضر بهدف تعزيز الاستدامة وتطبيق المفاهيم الدائرية، واعتماد تركيب أنظمة الطاقة الكهروضوئية بالمناطق الصناعية، وحظر الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام الأقل من 35 ميكرون وغيرها من المبادرات الأخرى.
وتطرقت المهندسة ليلى علي سبيل مدير إدارة تغير المناخ والتنمية المستدامة بالمجلس الأعلى للبيئة بمملكة البحرين إلى الاقتصاد الدائري للكربون، مشيرة إلى أن المملكة ركزت في جهودها على تحقيق كفاءة الطاقة والتقاط الكربون والتي سيكون لها أثر ومردود كبير في دعم التحول المناخي. وأكدت أهمية تطوير التشريعات المتعلقة بالتقاط وتخزين الكربون لزيادة الكفاءة الإنتاجية.
كما تم استعراض الفرص التي تعزز الابتكار والاستدامة في اقتصاد البلدين، من أجل المضي قدما نحو آفاق جديدة، تعزز من ركائز تحقيق التنمية المستدامة، من خلال تبادل الأفكار والخبرات، بين صناع القرار والخبراء ورواد الأعمال، الذين استعرضوا تجاربهم في تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري، في مشروعات متعددة ذات عوائد اقتصادية وبيئية أثبتت جدواها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي تصريح لسعادة سفير دولة الامارات للإعلاميين على هامش المؤتمر، قال إن دولة الإمارات تضع الاقتصاد الدائري في صميم إستراتيجياتها لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستفادة المثلى من الموارد، وتقليل الهدر، وتشجيع إعادة التدوير.
وأضاف: "يسعدنا أن نشارك في هذا المنتدى الهام الذي تنظمه سفارة دولة الإمارات في البحرين، حيث نسلّط الضوء على الدور الحيوي لهذا النموذج الاقتصادي في دعم الاستدامة العالمية".
وأكد سعادته أهمية الرؤية الطموحة والاستثمارات الكبيرة في هذا المجال، التي ستصل إلى 160 مليار دولار خلال العقود الثلاثة القادمة، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى ترسيخ مكانتها كرائدة في هذا القطاع.
وأوضح أن التقديرات تشير إلى أن تطبيق الاقتصاد الدائري يمكن أن يسهم في تحقيق 6.5 تريليون دولار للاقتصادات العالمية بحلول عام 2030 وفق أحدث التقديرات العالمية، وأن رؤية الإمارات 2071 تكرّس مفهوم الاقتصاد المعرفي المستدام، بما يتماشى مع أهداف بناء مستقبل اقتصادي أكثر تنوعًا وازدهارًا.
واختتم سعادته بالقول: "يسعدنا أن نرى الجهود المستمرة في مملكة البحرين لتعزيز الاقتصاد الدائري، ونتطلع إلى مزيد من التعاون بين بلدينا لتحقيق أقصى استفادة من هذا التوجه الواعد".
من سماح علام
ن.ع, M.B
0 تعليق