أميركا تسابق الزمن لتطوير بدائل للمواد الأرضية النادرة الصين - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

باتت المواد الأرضية النادرة تمثل سلاحاً استراتيجياً لا يقل أهمية عن الرقائق الإلكترونية والطاقة؛ ذلك أن هذه المواد الحيوية تدخل في صميم الصناعات التكنولوجية والعسكرية، من الهواتف الذكية إلى أنظمة التوجيه الصاروخي، ما يجعل الاعتماد الأميركي الكبير على واردات الصين منها مصدر قلق متنامٍ في أروقة واشنطن.

تهيمن الصين على غالبية الإمدادات العالمية من هذه العناصر النادرة، وتتحكم بسلاسل التوريد والتكرير بشكل شبه احتكاري، مما يمنحها نفوذاً جيوسياسياً هائلًا. ومع تصاعد التوترات التجارية والعسكرية بين القوتين العظميين، تخشى الولايات المتحدة من أن تستخدم بكين هذا النفوذ كورقة ضغط في لحظات حرجة، وهو ما يدفعها الآن إلى البحث عن بدائل فعالة ومستدامة.

تسابق واشنطن الزمن لتقليل تبعيتها للصين عبر استراتيجية متعددة المحاور، تشمل الاستثمار في التعدين المحلي، وتعزيز الشراكات مع حلفاء يمتلكون ثروات معدنية، وتكثيف البحوث لتطوير بدائل صناعية وتقنيات إعادة التدوير.

محاولات أميركية

في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى شركة USA Rare Earth  التي وصفها بأنها تعد جزءاً من "محاولة أميركية متأخرة"؛ لإعادة إنشاء سلسلة توريد محلية للمغناطيسات عالية الأداء المستخدمة في منتجات مثل الطائرات بدون طيار والمركبات الكهربائية والهواتف الذكية والأجهزة الطبية والأسلحة العسكرية.

تسابق الشركة الزمن لإنشاء خط إنتاج، وتوظيف عشرات المتخصصين المهرة، وضبط صيغها العلمية استعداداً لصنع ملايين المغناطيسات القوية من النيوديميوم، أو النيو، في أوائل عام 2026.

ويضيف التقرير:

إن المخاطر الجيوسياسية تُثير القلق.. تُهيمن الصين على سوق فئة من المعادن النادرة، وهي ضرورية لتصنيع المغناطيسات، وكذلك للمغناطيسات نفسها. لقد مارست بكين هذه الهيمنة في الأسابيع الأخيرة عندما حرمت شركات صناعة السيارات الأميركية من الإمدادات اللازمة، سعياً منها للتأثير على محادثات التجارة مع الرئيس دونالد ترامب . بعد فترة طويلة من استسلامها للصين، تشق الشركات الأميركية طريقها لاستعادة مكانتها.

لكن التقرير يشير إلى أن "المرحلة التمهيدية لشركة USA Rare Earth  التي طُرحت أسهمها للاكتتاب العام في مارس،  والعقبات التي تعترض طريق الشركة تعكس حقيقةً مُقلقة، مفادها أن الولايات المتحدة ستستغرق سنوات قبل أن تتمكن من التخلص من اعتمادها على خصمها الاستراتيجي الرئيسي. ويجب أن تُشارك الحكومة الفيدرالية بفاعلية لإحداث هذا التغيير.

ونقل التقرير عن الرئيس التنفيذي للشركة، جوشوا بالارد، قوله: لدينا مصادر مستقبلية. لكن العالم يمرّ بمرحلة صعبة خلال السنوات القليلة المقبلة.. للأسف، نعتمد نوعًا ما على الصين.. هذا ما تركناه لأنفسنا خلال العقود القليلة الماضية، وسيستغرق الأمر بعض الوقت للخروج من هذه الأزمة".

عقبات أمام واشنطن

تقول الكاتبة الصحافية الصينية، سعاد ياي شين هوا لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ""الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة للولايات المتحدة فيما يخص تطوير بدائل للمواد الأرضية النادرة"، وتفسر ذلك بقولها:

على مستوى استخراج الموارد، تُقيّد القوانين البيئية والتكاليف المرتفعة إنتاج الولايات المتحدة من العناصر الأرضية النادرة على المدى الطويل. أما في مرحلة المعالجة، فتمتلك الصين سلسلة صناعية مكتملة وناضجة وتقنيات متقدمة وخبرة واسعة، في حين أن الولايات المتحدة بحاجة إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء هذه المنظومة، فضلًا عن مواجهتها لنقص الكفاءات والاختناقات التقنية، ما يجعل من الصعب تحقيق اختراق في المدى القريب. وفي المنافسة السوقية، تتمتع المنتجات الصينية من العناصر الأرضية النادرة بانخفاض التكلفة واستقرار الجودة، ما يجعل الشركات الأميركية تفضّل شراء المنتجات الصينية لدواعي اقتصادية، وهو ما يؤدي بدوره إلى غياب الدعم السوقي لصناعة العناصر الأرضية النادرة داخل الولايات المتحدة.

وتوضح أنه لهذا الأسباب "لا تزال أمام الولايات المتحدة طريق طويلة قبل أن تتمكن من الاستغناء الكامل عن الصين في هذا المجال".

ضوابط صينية

ويشير تقرير لـ "بوليتكو"، إلى أنه في الوقت الذي تؤكد فيه بكين حضورها وسط التوترات التجارية العالمية، فإنها تلعب بورقة كانت تحتفظ بها في جعبتها لعقود من الزمن: السيطرة على تدفق المعادن التي تحتاجها الدول الغربية بشدة لتغذية طموحاتها الخضراء والرقمية والدفاعية.

وعندما أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أسبوعين بالاتفاق الإطاري مع بكين لإنهاء نزاعهما التجاري، أشار تحديدا إلى ضوابط التصدير الصينية على سبعة عناصر أرضية نادرة - وهي معادن تعتبر "حاسمة" لأنها تستخدم في إنتاج المنتجات عالية التقنية مثل المغناطيس المستخدم في السيارات.

ونقل التقرير عن الباحث البارز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، فيليب أندروز سبيد، قوله: "الصين لها اليد العليا على المدى القصير"، مضيفاً: إن ضوابط التصدير التي تفرضها بكين "أقوى بكثير من الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب".

أثارت هذه الضوابط - التي فُرضت في البداية في أبريل الماضي، وقُدِّمت ردًا على رسوم ترامب الجمركية - غضباً وقلقاً بين رؤساء ومسؤولي الصناعة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتُطبَّق هذه الضوابط على جميع الدول، وتشترط على الشركات الحصول على ترخيص لكل شحنة.

ووصف مفوض التجارة، ماروش شيفتشوفيتش، في وقت سابق من هذا الشهر، الوضع بأنه "مقلق" بالنسبة لصناعة السيارات الأوروبية، وللصناعة عمومًا. وأضاف: "العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات الدائمة ضرورية للغاية للإنتاج الصناعي"، إذ تُعدّ المغناطيسات مكوناً أساسياً في كل شيء، من الهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون والحواسيب، إلى محركات السيارات وتوربينات الرياح، وتطبيقات الدفاع.

ثروات نادرة

بدورها، توضح خبيرة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، الدكتورة وفاء علي لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن المعترك الأول سيظل بين الصين والولايات المتحدة الأميركية هو المعادن النادرة؛ فقد وضعت بكين تكتيكاً فنياً وضوابط صارمة على تصدير هذه الثروة النادرة مما جعل أميركا تحاول أن تسعى نحو إيجاد بدائل وحلول لهذه المعادن، لا سيما تلك المغناطيسيات المقاومة للحرارة والتي تمثل عقدة هامة للإمداد العسكري.

وتضيف: الولايات المتحدة وأوروبا يحتاجون إلى مخزون استراتيجي كبير من هذه المعادن الأرضية النادرة والتى تسهم بشكل أساسي في صناعة الطائرات والقنابل الذكية وتقريباً كل المعدات العسكرية المتطورة وأهمها معدن السماريوم.. وعندما وضعت الصين قيوداً على تصدير هذه الثروة المعدنية الكامنة وبدأت الحرب التجارية وحتى بعد المفاوضات فإن قواعد الضبط الصيني تضع الولايات المتحدة الأميركية فى مأزق كبير فالصين تمتلك 17 معدناً نادراً وتعتمد أميركا على الصين بنسبة 80 بالمئة بالإضافة إلى امتلاك الصين لخط المعالجة المركزية الكيميائية لهذه المعادن النادرة.

ومن هنا الولايات المتحدة تسابق الزمن فى محاولة منها لإعادة تشغيل مناجم قادرة على إنتاج هذه المعادن، ولكنها لا تمتلك تكنولوجيا المعالجة بالقدر المطلوب، لذلك طمع الرئيس دونالد ترامب بأفكاره التوسعيه فى معادن أوكرانيا وجزيرة غرينلاند التي وهبتها الطبيعة بحوالي ثامن أكبر مخزون عالمى من المعادن النادرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق