تتحرّك في الظل.. من تكون Zhipu AI التي تثير قلق OpenAI؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في خطوة نادرة تسلّط الضوء على تصاعد المنافسة التكنولوجية بين واشنطن وبكين، حذّرت شركة OpenAI الأميركية في مدونة بحثية، من التقدّم السريع الذي تحققه شركة Zhipu AI الصينية المدعومة من الحكومة، معتبرةً إياها لاعباً مركزياً يعمل في الخفاء، لمساعدة الصين على تحقيق طموحها بتصدّر سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

ورغم أن اسم Zhipu AI لا يحظى بنفس البريق العالمي لشركات صينية أخرى مثل DeepSeek، إلا أن توسعها المتسارع خارج حدود الصين، وصلاتها الوثيقة بصنّاع القرار في بكين، يضعانها اليوم في قلب معادلة الذكاء الاصطناعي الجيوسياسية.

ففي منشور لافت نُشر الأربعاء الماضي، سلّطت OpenAI الضوء على هذه الشركة الناشئة، واصفةً تقدمها في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي بأنه "ملفت للنظر"، محذّرة في الوقت ذاته من توسعها السريع خارج الصين وعلاقاتها الوثيقة بالحكومة الصينية.

دعم بالمليارات من بكين

وبحسب تقرير نشرته شبكة "CNBC" واطّلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فقد تأسست Zhipu AI عام 2019، وسرعان ما بات يُنظر إليها على أنها واحدة من "نمور الذكاء الاصطناعي" في الصين، ضمن فئة الشركات التي تعوّل عليها بكين، لمنافسة الهيمنة الأميركية على هذا القطاع الحساس.

وتلقّت Zhipu AI تمويلاً يفوق الـ 1.4 مليار دولار من حكومات محلية صينية، وهي تتمتع بعلاقات مباشرة مع كبار مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني، من بينهم رئيس الوزراء لي تشيانغ.

تهديد مباشر

وتقول OpenAI إن توسّع Zhipu AI خارج الصين وعلاقاتها ببكين يستحقان مزيداً من التدقيق، منبهة من أن الشركة الناشئة الصينية باتت تنسج شبكة حضور عالمية تشمل المملكة المتحدة، وسنغافورة، وماليزيا، كما أطلقت "مراكز ابتكار" في دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وفيتنام.

وبحسب OpenAI فإن هذا التوسع ليس عشوائياً، بل جزء من استراتيجية "طريق الحرير الرقمي" الصيني، التي تهدف إلى نشر المعايير والبنى التحتية الصينية للذكاء الاصطناعي في الأسواق الناشئة، قبل أن تصلها الشركات الأميركية أو الأوروبية.

وزعمت OpenAI أن قيادة Zhipu AI تتواصل باستمرار مع مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني، بمن فيهم رئيس الوزراء لي تشيانغ.

ولم تستجب شركة Zhipu AI فوراً لطلب التعليق على تصريحات OpenAI، ومع ذلك، فقد صرح رئيس مجلس إدارة الشركة ليو ديبينغ، للصحفيين الأسبوع الماضي، أن Zhipu AI تأمل في المساهمة بقوة الذكاء الاصطناعي الصينية في العالم.

سباق نفوذ

وفي الوقت الذي تحذر فيه OpenAI من التمدد الصيني، تتحرك واشنطن بسرعة لمواجهة هذا المد، فخلال زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة في مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن صفقات تجارية تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار في المنطقة، من بينها اتفاق لبناء حرم "Stargate" للذكاء الاصطناعي في الإمارات، تشارك فيه شركات أميركية مثل OpenAI وOracle وNvidia وCisco Systems، ومن المتوقع إطلاق المشروع في عام 2026.

وهذا الشهر، مُنحت OpenAI أيضاً عقداً بقيمة 200 مليون دولار أميركي لتزويد وزارة الدفاع الأميركية بأدوات الذكاء الاصطناعي، كما تم الإعلان عن مبادرة "OpenAI للحكومة"، وهي مبادرة تهدف إلى توفير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ OpenAI لموظفي القطاع العام في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

اتهامات عسكرية

ورغم أن شركة Zhipu AI تواصل استعداداتها لطرح أسهمها في البورصة، وتُقدّر قيمتها السوقية حالياً بحوالى 2.78 مليار دولار، إلا أنها أدرجت في قائمة الكيانات المحظورة من قبل وزارة التجارة الأميركية في يناير 2025، إذ جاء هذا القرار على خلفية اتهامات بارتباط الشركة بجهود تحديث الجيش الصيني عبر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدم، ما أثار قلقاً أميركياً.

من مشروع جامعي إلى طموح عالمي

ويقول الكاتب والمحلل في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، مثل العديد من الشركات الصينية فإن المعلومات المرتبطة بشركة Zhipu AI شحيحة جداً، ولكن ما هو معروف أنها بدأت كشركة ناشئة تابعة لجامعة تسينغهوا الصينية، ثم انفصلت عنها لتصبح شركة مستقلة، وفي عام 2023 جمعت Zhipu AI نحو 343 مليون دولار أميركي، بمساعدة مجموعة علي بابا القابضة وتينسنت القابضة، ومن بين المستثمرين الآخرين في الشركة مجموعة آنت، وميتوان، وشاومي، وهونغشان.

قوة صينية تنافس الكبار

وبحسب القارح فإن Zhipu AI تقدمت بسرعة في عالم التكنولوجيا لتصبح واحدة من "نمور الذكاء الاصطناعي" الصيني، بعدما طوّرت سلسلة نماذج للذكاء الاصطناعي، منها GLM‑4 و‑GLM‑4 Plus وهي نماذج لغة كلامية شاملة ومفتوحة المصدر تستطيع محاكاة التفاعلات البشرية، ولديها القدرة على تعديل نبرتها أو عاطفتها أو لهجتها بناءً على تفضيلات المستخدم، وهذه النماذج أظهرت أداءً قريباً جداً من نموذج GPT‑4 التابع لـ OpenAI، لا سيما في فهم النصوص الطويلة والتفاعل المتعدد الوسائط مع المستخدمين، كما أطلقت Zhipu AI في النصف الثاني من عام 2024 نموذج "Ying" لتحويل النصوص إلى مقاطع فيديو.

ظلّ التمويل الحكومي

ويرى القارح أنه رغم عدم وجود تأكيدات رسمية على حصول شركة Zhipu AI على تمويل مباشر من الحكومة الصينية، إلا أن هذا السيناريو يبدو مرجّحاً جداً، وذلك في ضوء السياسة التي تنتهجها بكين منذ سنوات لدعم الشركات الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، فالحكومة الصينية تعتبر الذكاء الاصطناعي ركيزة استراتيجية في سباق الهيمنة التكنولوجية، وتُولي أهمية كبرى لتأمين الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، بعيداً عن الاعتماد على النماذج الأميركية، وانطلاقاً من ذلك يمكن فهم سبب إدراج أميركا لـ Zhipu AI في قائمة الكيانات المحظورة، فواشنطن تشعر بالقلق من إمكانية استغلال بكين للقدرات الكبيرة التي تمتلكها الشركة لتعزيز قدرات جيشها بتكنولوجيا الذكاء المتقدّم، حيث أن التمويل الحكومي الذي تحصل عليه Zhipu AI في الظل، يرتب على الشركة التزامات كبيرة تجاه الجهة الممولة.

لماذا دقت OpenAI جرس الإنذار؟

من جهته يقول المحلل التقني جوزف زغيب، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ما قامت به OpenAI ليس مجرد تحذير تقني بل رسالة سياسية واضحة، فللمرة الأولى نرى شركة أميركية بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي، تضع اسم شركة صينية منافسة في الواجهة بهذه الصراحة، مشيراً إلى أن هذا التحذير العلني من Zhipu AI يعكس قلق OpenAI من أن الشركة الصينية لا تنمو فقط تقنياً، بل تتوسع جيوسياسياً بشكل منسّق ومدعوم رسمياً من الحكومة الصينية، وبالتالي بات من الواجب على الإدارة الأميركية أن تتحرك بشكل أسرع لمواجهة ما يحدث.

ويكشف زغيب أن السبب الرئيسي الذي يجعل OpenAI تدق جرس الإنذار، هو أن Zhipu AI لا تعمل كبقية الشركات الناشئة، بل تتحرّك ضمن استراتيجية أوسع تُعرف بـ"طريق الحرير الرقمي"، وهي محاولة صينية لبسط نفوذها التكنولوجي في دول آسيا وأفريقيا، وما يقلق OpenAI هنا هو أن البنية التحتية الذكية في هذه الدول، قد تُبنى وفق معايير صينية بالكامل، مما يمنح بكين موقعاً متقدماً في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي، لافتاً إلى أن OpenAI تدرك أن الذكاء الاصطناعي، أصبح أداة من أدوات النفوذ الدولي، ولذلك فإن التسامح مع التقدم الذي تحققه الصين في هذا المجال، قد يؤدي إلى خسارة الشركة وأميركا لنفوذها من العديد من الأسواق "الخام" التي لم تُحسم فيها بعد البنية التحتية الرقمية.

درجة عالية من التحفّظ

واعتبر زغيب أن السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا لا نعرف الكثير عن Zhipu رغم أنها تعمل منذ سنوات وتتوسّع دولياً، مشيراً إلى وجود مؤشرات كثيرة على أن الشركة، تحافظ على درجة عالية من التحفّظ الإعلامي، خصوصاً في ما يتعلّق بعملياتها خارج الصين، فصحيح أن لا شيء يُثبت أن Zhipu AI تعمل "في الظل" بتمويل من الحكومة الصينية، ولكن غياب الشفافية بشأن أعمالها، يعزز الانطباع بأنها ليست مجرد شركة تقنية بل جزء من مشروع وطني أكبر.

أخبار ذات صلة

0 تعليق