عاجل

رسوم ترامب تضع الشراكة الأميركية–الهندية تحت الاختبار - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تتصاعد التكهنات حول مدى قدرة الهند على الصمود أمام ضغوط متزايدة قد تعيد رسم ملامح علاقاتها مع أكبر قوة اقتصادية في العالم.

الخطوة الأميركية المرتبطة بالرسوم الجمركية تحمل في طياتها رسائل سياسية تتجاوز المعادلة التجارية، لتضع نيودلهي أمام معادلة معقدة بين حماية مصالحها الاستراتيجية والحفاظ على شراكتها مع واشنطن. في المقابل، تثير هذه التحركات تساؤلات حول تداعياتها على موازين القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يشتد التنافس بين القوى الكبرى.

وبينما تترقب الأسواق مآلات هذا النزاع، تحذر الأوساط الاقتصادية من مسار قد يكون مليئاً بالعقبات أمام الاقتصاد الهندي، في وقت تسعى فيه البلاد إلى ترسيخ موقعها كقوة صاعدة في النظام الاقتصادي العالمي.

تحول الموقف الأميركي

ووفق تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن:

بدلاً من دعم الهند كقوة موازنة للصين - وهي الفرضية التي ربطت الهند والولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية - يبدو أن ترامب يتخلى عن نيودلهي. في غضون ذلك، سعى ترامب إلى كسب ود باكستان من خلال تقديم تعريفات جمركية تفضيلية واتفاقية للتنقيب عن النفط بعد أشهر قليلة من تأرجح الهند وباكستان على شفا الحرب، مسلطًا الضوء على كشمير وعامل البلدين على قدم المساواة. لقد تفاقم الشعور بالظلم عندما استضاف ترامب قائد الجيش الباكستاني على الغداء في البيت الأبيض في يونيو.

ويوضح التقرير أنه إذا نفذ ترامب تهديده، فسيكون التأثير الاقتصادي على الهند شديداً؛ إذ تُهدد مضاعفة الرسوم الجمركية محرك صادرات الهند إلى الولايات المتحدة، والبالغ 87 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 18 بالمئة من إجمالي صادراتها وأكثر من 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويحذر خبراء الصناعة من انخفاض في الشحنات بنسبة تتراوح بين 40 و50 بالمئة، لا سيما في القطاعات كثيفة العمالة مثل المنسوجات والمجوهرات والسيارات. كما تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة أزمة في قدرتها التنافسية، في حين رُفعت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 1 بالمئة.

ويتمثل التأثير المباشر على السوق في:

ضعف الروبية. خطر التضخم المستورد. نزوح المستثمرين الأجانب. ارتفاع تكاليف الاقتراض للمدينين بالعملات الأجنبية.

ووفق تقرير الصحيفة البريطانية، فإن هذه التطورات تُهدد أيضاً بقلب السياسة الداخلية الهندية رأساً على عقب.

خطورة تهديدات ترامب

يصف الخبير الاقتصادي أنور القاسم،لدى حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس ترامب على الهند بـ "الخطيرة" بالنظر إلى حجمها والسلع التي تشملها وكذلك بالنظر إلى الحجم التجارة بين البلدين.

تشير البيانات الأميركية الرسمية إلى أن إجمالي تجارة السلع والخدمات الأميركية مع الهند يبلغ 212.3 مليار دولار في عام 2024، بزيادة بنسبة 8.3 % (16.3 مليار دولار) عن عام 2023.

بلغ إجمالي تجارة السلع الأميركية (الصادرات والواردات) مع الهند ما يُقدر بنحو 128.9 مليار دولار في عام 2024. وبلغت صادرات السلع الأميركية إلى الهند 41.5 مليار دولار في 2024، بزيادة قدرها 3.0 بالمئة (1.2 مليار دولار) عن 2023. وبلغ إجمالي واردات السلع من الهند 87.3 مليار دولار في 2024، بزيادة قدرها 4.5 بالمئة (3.8 مليار دولار) عن 2023. وبلغ عجز تجارة السلع الأميركية مع الهند 45.8 مليار دولار في العام 2024، بزيادة قدرها 5.9 بالمئة (2.6 مليار دولار أمريكي) عن عام 2023.

وبلغ إجمالي تجارة الخدمات الأميركية (الصادرات والواردات) مع الهند ما يُقدر بنحو 83.4 مليار دولار في 2024. وبلغت صادرات الخدمات الأميركية إلى الهند 41.8 مليار دولار في 2024، بزيادة قدرها 15.9 بالمئة (5.7 مليار دولار) عن 2023. وبلغت واردات الخدمات الأميركية من الهند 41.6 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 15.4 بالمئة (5.6 مليار دولار) عن عام 2023. وبلغ فائض تجارة الخدمات الأمريكية مع الهند 102 مليون دولار في 2024، مقارنةً بعجز قدره 76 مليون دولار أمريكي في 2023.

يضيف القاسم: تهديد ترامب بفرض 50 بالمئة، على تجارة الهند لأنها تشتري النفط الروسي، هذا يخرج عن الهدف الاقتصادي ليدخل بالتدخل بشؤون الهند الداخلية والسياسية، وهذه من بين أعلى الرسوم الجمركية المفروضة على أي شريك تجاري لأميركا في العالم.

ويستطرد: "الهند تدرس وضعها الاقتصادي الآن، وهي تعتبر من دول مجموعة البريكس الأكثر تطوراً  ونمواً، وباستطاعتها إيجاد شركاء تجاريين دوليين في هذه المجموعة أو خارجها.. وأعتقد بان التهديد الأميركي لها يماثل تهديد البرازيل، أي إخضاع الهند سياسياً وإبعادها عن روسيا التي تربطها بها مصالح اقتصادية كبيرة جداً".

ويرى القاسم أن عزل الهند ذات عدد السكان الهائل ليس من مصلحة الولايات المتحدة "لهذا من المتوقع في النهاية أن يفضي هذا الخلاف إلى حل وسطي قد يستفرق وقتا في التفاوض".

طريق وعرة

وتحت عنوان "الاقتصاد الهندي يواجه طريقًا وعرة في مواجهة تعريفات ترامب الباهظة"، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن توقعات النمو في الهند تأثرت بالتعريفات الجمركية العقابية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على اقتصاد البلاد، لكن لا يزال هناك أمل في أن تخفف المفاوضات من التأثير.

وقال ترامب إن الواردات الهندية ستخضع لرسوم إضافية بنسبة 25 بالمئة كعقاب على شراء النفط الروسي، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة تم الإعلان عنها سابقاً.

تواجه الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة الآن رسوماً جمركية باهظة بنسبة 50 بالمئة، مما يُزعزع جهود واشنطن ونيودلهي المستمرة لتعزيز العلاقات في محاولة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

أدانت الهند الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على مشترياتها من النفط الروسي ووصفتها بأنها "غير عادلة وغير مبررة وغير معقولة".

ويرى المحللون أن زيادة التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى تكثيف المخاطر على آفاق النمو في الهند، حيث ستقوض الميزة التنافسية لقطاع التصدير كمركز تصنيع إقليمي.

ونقل التقرير عن كبير محللي العملات في بنك MUFG، مايكل وان، قوله في مذكرة: "بالسعر الجديد، فإن التعريفات الجمركية الهندية ستكون في الواقع أعلى ليس فقط من منافسيها في التصدير مثل فيتنام، ولكن أيضاً من معدلات التعريفات الجمركية الصينية على مجموعة كاملة من المنتجات".

وقال محللون في شركة نومورا للأبحاث في مذكرة "إذا تم تطبيق التعريفات الجمركية البالغة 50 بالمئة فإنها ستكون مماثلة لحظر تجاري وستؤدي إلى توقف مفاجئ في منتجات التصدير المتضررة".

وقالت الخبيرة الاقتصادية في باركليز، آستا جودواني، إن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تكون "استمراراً لتكتيكات الضغط، وستستقر الرسوم الجمركية الأميركية النهائية على الهند عند مستوى أقل من المعدل المعلن وهو 50 بالمئة".

وأفادت في مذكرة بأن التعريفات الجمركية المتزايدة لا تستهدف العجز التجاري للهند مع الولايات المتحدة، بل تستهدف بدلاً من ذلك "التهديد" الذي تشكله روسيا.

ضغوط على الهند

من جانبه، يقول الخبير في الشؤون الأوروبية والدولية، محمد رجائي بركات، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الولايات المتحدة تضغط على الهند للامتناع عن استيراد الغاز والنفط الروسي، وكذلك المواد الأولية من روسيا، واستبدالها بمنتجات من دول أخرى، وخاصة من الولايات المتحدة نفسها.

ويوضح بركات أنه في حال التوسع في فرض رسوم جمركية مرتفعة على البضائع الهندية المصدّرة إلى السوق الأميركية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض حجم الصادرات الهندية بشكل ملحوظ، مما سينعكس سلباً على الاقتصاد الهندي، مشيراً إلى أن الهند حالياً تشتري النفط والغاز الروسي بأسعار منخفضة جداً مقارنة بأسعار السوق العالمية، بفضل العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، وهو ما يتيح للهند والصين استيراد هذه الطاقة بأسعار تفضيلية.

ويضيف: توقف استيراد الهند للنفط والغاز من روسيا سيرفع تكلفة الإنتاج الصناعي بشكل كبير، الأمر الذي سينعكس سلباً على الناتج المحلي الإجمالي، وقد يدفع بعض المصانع إلى الإغلاق، مما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة. كما أن ارتفاع تكلفة الإنتاج سيؤثر على القدرة التنافسية للمنتجات الهندية في الأسواق العالمية.

ويشير بركات إلى أن الهند، التي احتلت المرتبة الخامسة عالمياً كقوة اقتصادية في عامي 2022 و2023، وتعتمد بشكل كبير على صادرات الحديد والفولاذ والعديد من المنتجات الصناعية وخاصة في قطاع الخدمات، أصبحت في عام 2025 رابع أكبر قوة اقتصادية عالمياً متجاوزة اليابان. إلا أن استمرار الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة سيؤدي إلى تراجع في حجم صادراتها، وبالتالي التأثير المباشر على اقتصادها وناتجها المحلي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق