في تصريح يعكس حجم المعاناة التي يواجهها الصحفيون في اليمن، أكدت الناشطة الحقوقية البارزة هدى الصراري أن الصحفي في اليمن لم يعد مجرد ناقل للخبر أو وسيط لنقل الأحداث، بل أصبح هدفًا مباشرًا للحرب المستمرة منذ سنوات.
وأشارت الصراري إلى أن هذا الاستهداف الممنهج يطال الصحفيين من جميع الأطراف، لكنه يأخذ أبعادًا أكثر قسوة ووحشية على أيدي جماعة الحوثيين.
وأوضحت الصراري أن الحوثيين يشنون حملة منظمة تستهدف حرية الصحافة عبر سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تشمل القتل، الاختطاف، التعذيب، والمحاكمات الصورية التي لا تستند إلى أي معايير قانونية أو حقوقية.
وأكدت أن هذه الانتهاكات لم تتوقف عند حدود تقييد حرية التعبير، بل تعدتها إلى مصادرة حق الصحفيين في الحياة نفسها، حيث باتوا يدفعون ثمن كلماتهم وأقلامهم بأرواحهم.
انتهاكات ممنهجة ومصادرة للحقوق الأساسية
وفي تفاصيل أكثر عن طبيعة هذه الانتهاكات، أشارت الصراري إلى أن الحوثيين يستخدمون أساليب متعددة لترويع الصحفيين وإسكات أصواتهم.
ومن بين هذه الأساليب، الاعتقال التعسفي الذي غالباً ما يتبعه اختفاء قسري، حيث يتم احتجاز الصحفيين في أماكن غير معلومة دون السماح لهم بالتواصل مع ذويهم أو الحصول على تمثيل قانوني.
كما يتم تعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي بهدف إجبارهم على الاعتراف بتهم ملفقة أو الانصياع لإملاءات الجماعة.
أما المحاكمات الصورية التي تجريها ميليشيات الحوثي، فوصفت الصراري بأنها "مهزلة قضائية" تفتقر إلى أدنى معايير العدالة والشفافية.
وتقول إن هذه المحاكمات تنتهي غالبًا بإصدار أحكام قاسية، بما في ذلك الإعدام، دون تقديم أي أدلة حقيقية أو توفير فرصة للدفاع عن النفس. وفي بعض الحالات، يتم تنفيذ هذه الأحكام دون حتى إخطار عائلات الضحايا.
حرية الصحافة في اليمن: صراع من أجل البقاء
وفي سياق حديثها عن وضع الصحافة في اليمن، أكدت الصراري أن حرية الصحافة في البلاد تُحتضر أمام مرأى ومسمع العالم.
وأشارت إلى أن المجتمع الدولي يقف موقف المتفرج أمام هذه الانتهاكات المستمرة، رغم أن حرية الصحافة تعد ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي وحق إنساني لا يمكن التنازل عنه.
وشددت الصراري على أن استمرار هذا الوضع الكارثي يعكس غياب الإرادة الحقيقية لدى الجهات الدولية الفاعلة لحماية الصحفيين وضمان حقهم في العمل بحرية وأمان.
وقالت: "لا يمكن الحديث عن أي حل سياسي للأزمة اليمنية دون إدراج حرية الصحافة كجزء أساسي من أي مفاوضات أو اتفاقيات مستقبلية. فالصحفيون ليسوا مجرد ضحايا لهذه الحرب، بل هم شهود على الجرائم التي ترتكب يوميًا، ويجب أن يكون لهم دور في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة".
نداء عاجل لتحرك دولي
وفي ختام تصريحها، وجهت الصراري نداءً عاجلًا إلى المنظمات الحقوقية الدولية، وهيئات الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بشكل عام، للتحرك الفوري لحماية الصحفيين في اليمن وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وطالبت بتشكيل لجان تحقيق دولية مستقلة للنظر في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
كما دعت الصراري إلى زيادة الدعم المقدم للصحفيين اليمنيين الذين يعانون من ظروف عمل بالغة الصعوبة، سواء داخل اليمن أو خارجه.
وقالت إن دعم الصحفيين لا يعني فقط توفير الحماية لهم، بل أيضًا تمكينهم من ممارسة مهنتهم بحرية عبر تزويدهم بالموارد اللازمة والأدوات القانونية التي تحمي حقوقهم.
تبقى قضية حرية الصحافة في اليمن واحدة من أبرز القضايا الإنسانية والحقوقية التي تستدعي اهتمامًا أكبر وتحركًا جادًا. ومع استمرار استهداف الصحفيين في البلاد، يصبح من الواضح أن صمت العالم ليس فقط إخفاقًا أخلاقيًا، بل تواطؤًا ضمنيًا مع مرتكبي هذه الجرائم.
وإذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية لحماية الصحفيين وضمان حرية التعبير، فإن اليمن ستظل أرضًا مقفرة للحقيقة، حيث يُقتل الكلمة قبل أن تُقال.
0 تعليق