عاجل

أول 100 يوم لترامب.. الدولار تحت تأثير السياسات التجارية - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

مع بداية كل ولاية رئاسية في الولايات المتحدة، تتحول أنظار الأسواق العالمية إلى أداء الدولار الأميركي؛ باعتباره مرآة تعكس الثقة بالسياسات الجديدة ومدى وضوح المسار الاقتصادي المقبل. وغالباً ما يُنظر إلى أول 100 يوم من الحكم باعتبارها مؤشراً مبكراً لاتجاهات الأسواق ومستوى الاستقرار المالي.

بعدما عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة ثانية، حملت أجندته الاقتصادية والسياسية ملامح صدامية مع شركاء تجاريين رئيسيين، وأعادت ترتيب أولويات السياسة التجارية الأميركية.

هذه التوجهات، التي طغى عليها طابع الحماية والانغلاق، وضعت العملة الأميركية تحت ضغط متزايد، في وقت ظلت فيه الأسواق تترقب إشارات الطمأنة وتبحث عن وضوح أكبر في السياسات النقدية والتجارية.

وسط هذه التحولات، بدأ الدولار في التراجع، متأثراً بموجة من المخاوف المرتبطة بالتصعيد التجاري، وبتنامي القلق حيال التدخلات المحتملة في عمل المؤسسات النقدية. ومن ثم أصبحت أول 100 يوم من ولاية ترامب تجربة حقيقية لاختبار قدرة الدولار على الصمود في وجه العاصفة السياسية والاقتصادية التي أثارها البيت الأبيض.

في هذا السياق، من المتوقع أن يسجل مؤشر الدولار أسوأ أداء له خلال أول 100 يوم من رئاسة الولايات المتحدة، وذلك استناداً إلى البيانات التي تعود إلى عهد نيكسون، عندما تخلت أميركا عن معيار الذهب وتحولت إلى سعر صرف عائم حر، بحسب تقرير لـ "فايننشال بوست"، أشار لخسائر الدولار ما يقرب من 9 بالمئة بين 20 يناير (يوم تنصيب ترامب) وحتى 25 أبريل، متجهاً نحو أكبر خسارة منذ العام 1973 على الأقل.

ووفق التقرير، فقد تميزت أول 100 يوم للرئيس في منصبه في العقود الأخيرة بقوة عملة البلاد، مع متوسط ​​عوائد يقترب من 0.9 بالمئة بين عام 1973، عندما بدأ ريتشارد نيكسون ولايته الثانية، وعام 2021، عندما تولى جو بايدن منصبه.

في بداية ولايته الرئاسية الثانية، نفّذ ترامب تعهداته الانتخابية، ففرض تعريفات جمركية جديدة، وشدّد لهجته ضد الصين وشركاء تجاريين آخرين للولايات المتحدة . دفعت سياسات الرئيس الأميركي المتعلقة بالتعريفات المستثمرين إلى الاستثمار في أصول خارج الولايات المتحدة، مما أضعف الدولار ورفع قيمة عملات أخرى إلى جانب الذهب. ارتفعت قيمة اليورو والفرنك السويسري والين بأكثر من 8 بالمئة مقابل الدولار منذ عودة ترامب إلى الرئاسة.

ونقل التقرير عن المدير الإداري في شركة بي إم أو لإدارة الأصول العالمية، بيبان راي، قوله: "إنّ انتشار الدولار الأميركي ودوره في التجارة والتمويل الدوليين رافقته ثقة عميقة في المؤسسات الأميركية، وانخفاض الحواجز التجارية ورأس المال، بالإضافة إلى سياسة خارجية قابلة للتنبؤ.. لكن الآن هناك مؤشرات واضحة على التآكل، مما يشير إلى تغير في اتجاهات تخصيص الأصول العالمية التي لا تصب في صالح الدولار الأميركي.. وهو ما يشكل تحولاً هيكلياً".

وقد أدت مبادرات ترامب السياسية أيضاً إلى زيادة خطر حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة إلى جانب تسارع التضخم مرة أخرى، مما يحد من نطاق تخفيضات أسعار الفائدة المحتملة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

كما أثارت تعليقات الرئيس الأميركي بشأن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وخاصة تهديده بإقالته، قلق المستثمرين، مما زاد من مخاوفهم بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي. بينما صرح ترامب لاحقًا بأنه لا ينوي إقالة باول.

تراجع تاريخي!

في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قال رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق:

"التراجع التاريخي الذي شهده الدولار خلال نحو 100 يوم من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يعود إلى المخاوف من السياسات الجمركية الشاملة التي فرضها". "هذه السياسات أدت إلى حالة من الارتباك في الأسواق، تجلّت بموجة بيع عنيفة شملت الدولار والأسهم والسندات الأميركية، مما زاد الضغط على السوق." "بحلول نهاية الأسبوع الماضي لاحظنا تحسناً نسبياً، مع مؤشرات إلى احتمال عقد مفاوضات بين الولايات المتحدة والصين، ما قد يؤدي إلى تخفيف الرسوم الجمركية.. هذا الانفراج أسهم بتخفيف الضغوط مؤقتاً."

ويؤكد أن "ضعف الدولار كان طبيعياً نتيجة السياسات الجمركية التي يتبعها الرئيس ترامب، والتي تؤدي إلى تراجع الثقة بالدولار كملاذ آمن عالمي"، موضحاً أنه "تاريخياً، ومنذ الحرب العالمية الثانية، كانت الولايات المتحدة المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي، إلا أن السياسات الحالية، بما فيها التدخل في شؤون الاحتياطي الفيدرالي، تسهم بزيادة الضبابية وعدم الاستقرار."

ويردف قائلاً: "رغم أن الدولار ما زال يحتفظ بسيطرته عالمياً، إلا أن نسبته في احتياطيات البنوك المركزية العالمية تراجعت خلال العقدين الماضيين من 70 إلى 58 بالمئة.. هذا التراجع يعكس فقدان تدريجي للدور الريادي للدولار."

وحول التوقعات المستقبلية، يضيف رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets:

"أعتقد بأن الدولار وصل إلى القاع حالياً، ومع التعديلات المتوقعة في السياسات التجارية، قد نشهد ارتفاعاً تدريجياً". "كذلك فإن خطة الرئيس ترامب بتخفيض الضرائب على الشركات من 21 إلى 15 بالمئة، إلى جانب تخفيف القيود التنظيمية، قد تدعم الاقتصاد الأميركي على المدى المتوسط، مما ينعكس إيجاباً على الدولار."

ويختتم حديثه قائلاً: "ما نشهده حالياً سيؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد التجاري العالمي، مع احتمالية بروز تكتلات اقتصادية جديدة قد تسعى للحد من هيمنة الدولار، لكن هذا المسار سيحتاج إلى وقت طويل حتى يؤتي ثماره."

وفي السياق، يشير تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، إلى أنه غالباً ما يُنظر إلى الدولار على أنه عملة الاحتياطي العالمي، وقد تفوقت الأصول الأميركية بشكل كبير على بقية الأصول العالمية خلال العقد الماضي، مما حفز الطلب المتزايد على الدولار.  ومع ذلك، تراجعت أسواق الأسهم والسندات الأميركية خلال أزمة الرسوم الجمركية بين إدارة ترامب وقادة أجانب آخرين، مما أدى على ما يبدو إلى انخفاض قيمة الدولار.

وخفّضت مجموعة "يو بي إس" توقعاتها لسعر صرف الدولار الأميركي للمرة الثانية في أقل من شهرين. وصرّح المحللون بأن أداء الدولار الأميركي يتوقف على نتائج المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، والتي لم تشهد تقدماً يُذكر في الأسابيع الأخيرة.

كما حذر دويتشه بنك الأسبوع الماضي من اتجاه هبوطي هيكلي للدولار في السنوات المقبلة، وهو ما قد يدفع العملة الأميركية إلى أضعف مستوى لها منذ أكثر من عقد مقابل اليورو.

وسياسة ترامب التجارية، التي تهدف إلى إنعاش الصناعة المحلية، ودعم القاعدة الصناعية، وتعزيز الأمن القومي، دفعت المستثمرين إلى أصول خارج الولايات المتحدة. وقد أدى ذلك إلى ضعف الدولار الأميركي، ورفع قيمة عملات أخرى إلى جانب الذهب.

ومن ثم يتجه الدولار لتسجيل أسوأ أداء له خلال أول 100 يوم من رئاسة الولايات المتحدة منذ تولي ريتشارد نيكسون البيت الأبيض، في ظل فرض دونالد ترامب للرسوم الجمركية ومحاولاته لإعادة تشكيل التجارة العالمية، وفق بلومبرغ.

تأثير ترامب

بدوره، يشير المدير التنفيذي لشركة  VI Market، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن:

تراجع الدولار الأميركي يعكس تأثير السياسات الأخيرة، خاصة فرض الرسوم الجمركية، والتي أدت إلى نشوء خلافات وتراجع الثقة بالدولار. هذه التطورات أدت إلى عمليات بيع للسندات الأميركية، مما دفع المستثمرين حول العالم للاتجاه نحو الملاذات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري. هذا التراجع الذي يشهده الدولار قد يكون في مصلحة الإدارة الأميركية؛ ذلك أن الرئيس دونالد ترامب كان يفضل دولاراً ضعيفاً لدعم الاقتصاد من خلال تعزيز الصادرات وجذب الشركات للاستثمار داخل الولايات المتحدة. التراجع الحالي في الدولار لا يُعتبر انهياراً، بل هو فقط أمر مقلق.. وربما بشكل أو بآخر ما يحدث حتى الآن يصب في مصلحة السياسات الاقتصادية الأميركية.

وينوه بأن استمرار تراجع مؤشر الدولار إلى مستويات أقل من 90 نقطة قد ينذر بمشكلة حقيقية، خاصة وأن المؤشر يتداول حالياً حول مستويات 98 إلى 99 نقطة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق