تشهد شوارع مدينة عدن خلال الأيام والأسابيع الماضية مشهداً لافتاً للانتباه، حيث يخرج المئات بل الآلاف من المواطنين إلى الطرقات والميادين العامة ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وذلك باحثين عن نسمة هواء تُخفف من وطأة الحر الشديد الذي يسيطر على المنازل مع توقف مراوح التبريد والتكييف عن العمل.

وقد أصبح هذا المشهد روتيناً يومياً يتكرر مع كل فترة انقطاع للكهرباء، التي باتت تمتد لساعات طويلة تصل أحياناً إلى 12 ساعة متواصلة، مقابل ساعة ونصف فقط من التغذية الكهربائية، وهو ما يجعل الحياة داخل المنازل شبه مستحيلة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير خلال فصل الصيف.

وفي ظل هذه الظروف، تحولت حدائق المدينة والساحات العامة وأرصفة الشوارع الواسعة إلى أماكن تجمع للأسر التي تحمل معها المراوح اليدوية والمياه الباردة، أملاً في قضاء بعض الوقت خارج جدران المنازل التي تتحول إلى "أفران" بعد انقطاع الكهرباء. كما لجأ الشباب والأطفال إلى اللعب والتنزه في الهواء الطلق، فيما استغل البعض هذه الفترات لبيع المشروبات الباردة والحلوى كوسيلة لجني بعض الدخل في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

وأبدى المواطنون استياءهم المتزايد من استمرار أزمة الكهرباء وعدم وجود حلول جذرية لتحسين الوضع، بالرغم من الوعود المتكررة من الجهات المعنية بتحسين الخدمات الأساسية. ويشكو السكان من الأعباء المالية الكبيرة الناتجة عن الاعتماد على المولدات الخاصة التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود الباهظ الثمن، والتي لا يستطيع معظمهم تحمل تكلفتها.

ورغم الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الدولية والجهات المحلية لتوفير بدائل طاقة مؤقتة، إلا أن الحلول ما زالت محدودة وغير كافية لسد الفجوة الكبيرة في احتياجات المدينة من الطاقة الكهربائية.

ويأتي هذا الوضع في ظل استمرار تدهور باقي الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والصحة، مما يفاقم من معاناة المواطنين الذين يعيشون تحت ضغوط معيشية وإنسانية صعبة.

وبالتالي، فإن خروج المواطنين إلى الشوارع ليس مجرد بحث عن هواء نقي، بل هو صرخة تعب واحتجاج غير مباشر على غياب الخدمات وغياب الخطة الواضحة لإعادة تأهيل البنية التحتية في مدينة عدن، التي كانت وما زالت تعاني من آثار الحرب والصراعات السياسية والاقتصادية المستمرة.