أعلنت وزارة المالية رسمياً عودة الدولة إلى الأسواق المالية المحلية والعالمية للاقتراض بدءاً من السنة المالية 2025/2026، في خطوة تُعد الأكبر منذ أكثر من ثماني سنوات، وتأتي في إطار تنفيذ المرسوم بقانون رقم 60 لسنة 2025 بشأن التمويل والسيولة، الصادر في 27 مارس الماضي. وتشكل هذه العودة جزءاً من رؤية اقتصادية شاملة تهدف إلى تمويل مشاريع تنموية استراتيجية وتحقيق استدامة مالية طويلة الأمد.
وخلال المؤتمر التعريفي الذي نظمته وزارة المالية بهذا الشأن، قدّم السيد فيصل المزيني، مدير إدارة الدين العام في الوزارة، عرضاً تفصيلياً حول استراتيجية التمويل الخمسية (2025–2030) تأخذ في الحسبان عوامل الاقتصاد الكلي، أسعار النفط، وتوجهات الأسواق العالمية والمخاطر المصاحبة للاقتراض.
واستهل المزيني كلمته بالتأكيد على أن القانون الجديد يمثل «إحدى أهم الخطوات الإصلاحية في تاريخ المالية العامة لدولة الكويت»، مشيراً إلى أنه يمنح الحكومة أدوات تمويلية مرنة، ويضع إطاراً قانونياً هو الأكبر من نوعه لإدارة الدين العام، بآجال استحقاق تمتد حتى 50 عاماً وسقف اقتراض يصل إلى 30 مليار دينار كويتي.
استراتيجية تمويل خمسية
واستكمل المزيني:«لقد قمنا بإعداد خطة مرنة تُمكننا من دخول الأسواق المحلية والعالمية بثقة، مع التركيز على أفضل تكاليف التمويل الممكنة، وتنويع قاعدة المستثمرين جغرافياً ومؤسسياً. إن إحدى الركائز الأساسية التي نعمل عليها هي تطوير سوق الدين المحلي، من خلال بناء منحنى العائد الذي سيشكل مرجعاً واضحاً للسوق المحلي».
وكشف المزيني أن الكويت تعتزم اقتراض ما بين 3 مليارات إلى 6 مليارات دينار خلال العام المالي الحالي من الأسواق المالية العالمية والمحلية لتمويل عدد من المشروعات التنموية.
لجنة مختصة بإدارة الدين العام
وتأسست لجنة إدارة الدين العام في عام 2016 وتتبع مباشرة لوزيرة المالية، وتضم ممثلين عن وزارة المالية، وبنك الكويت المركزي، والهيئة العامة للاستثمار. وتختص اللجنة بالموافقة على استراتيجية التمويل السنوية ورفع التوصية إلى وزير المالية.
أهداف متعددة ومزايا استراتيجية
يجدر بالذكر أن العوائد المحصلة من عمليات الاقتراض، ستسخدم لتمويل مشاريع ذات أثر تنموي، تشمل البنية التحتية، الصحة، التعليم، والطاقة، إلى جانب مواجهة تقلبات أسعار النفط وتعزيز الاحتياطي العام. كما يشمل القانون إمكانية إعادة تمويل ديون قائمة وسداد التزامات الدولة تجاه مؤسسات وهيئات حكومية.
هذا ويحمل القانون الجديد رسالة ثقة موجهة إلى الأسواق العالمية مفادها أن الكويت تتبنى نهجاً مالياً منضبطاً ومتقدماً. ويُنتظر أن يُسهم في تحسين التصنيف الائتماني للدولة، واستقطاب شرائح واسعة من المستثمرين، وتسريع خطوات التحول نحو اقتصاد متنوع.
0 تعليق