عمّان - رويترز: جاءت عاصفة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على دول العالم جامعة شاملة وألقت بظلالها على الأسواق حتى مع إعلان تأجيل تطبيقها 90 يوماً، لكن الخطوة ذاتها حركت المياه الراكدة ودفعت كل دولة للتفكير في مواجهة الوضع الجديد.
وبالنسبة للأردن، الذي تربطه بالولايات المتحدة اتفاقية تجارة حرة، بلغت الرسوم الجديدة 20 بالمئة، ما أثار قلق المصنعين والمصدرين الأردنيين فيما ظل الموقف الرسمي هادئاً يتابع التطورات أولاً بأول.
وتعد الولايات المتحدة سوقاً رئيسية للصادرات الأردنية، حيث تساهم بحصة كبيرة في قطاعات مثل الملابس والمجوهرات والأسمدة. وتجاوزت قيمة هذا الصادرات ثلاثة مليارات دولار.
وأكد وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يعرب القضاة، أن "نظام الرسوم الجمركية الأميركية الجديد هو سياسة تعريفات جمركية على الواردات إلى السوق الأميركية من العديد من دول العالم، وهي سياسة عالمية ولا تستهدف الأردن فقط".
ونقلت عنه وكالة الأنباء الأردنية قوله: إنه رغم التأثيرات المتوقعة على الصادرات الأردنية للسوق الأميركية، فإن "الحكومة بدأت ببحث حلول وسبل لتعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية المعنية على إثر القرارات الأميركية الأخيرة لإيجاد حلول لأي تحديات لما فيه مصلحة الجميع والحفاظ على تنافسية الصادرات الأردنية والعلاقات الإستراتيجية الاقتصادية مع الولايات المتحدة".
وأكد المتحدث باسم الوزارة ينال البرماوي، في رد على أسئلة لرويترز، أن الاقتصاد الوطني لديه مجموعة من الأدوات والخيارات لتجاوز أي صعوبات قد تحدث، سواء من خلال دعم القطاع الصناعي أو تنويع الأسواق، أو تعزيز السوق المحلية.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الأردنية، قاسم الحموري، أن تأثير الرسوم الجمركية التي رافقت قرارات ترامب أثار كثيراً من النقاش في الأردن لكنه يعتقد أن التداعيات المتوقعة تبقى في إطار التوقعات النظرية.
وقال لرويترز: "من المحتمل تراجع الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة والتي تشكل السوق الأميركية وجهتها الأساسية بنسبة تصل إلى ربع الصادرات الوطنية، ومعظمها من الملابس والمنسوجات".
وأضاف: إن وجهة نظره قد تختلف عن آراء أخرى بالغت في تصوير حجم الأثر المحتمل للقرار، إذ يرى أن "الآثار لن تكون كبيرة خاصة إذا بدأت الحكومة الأردنية بالبحث عن أسواق بديلة، رغم أن الأمر يخص القطاع الخاص والشركات التي تعرف مصلحتها جيداً وستسعى بدورها لإيجاد حلول بديلة".
مجتمع الأعمال
قال إيهاب القادري ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن: إن اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة بدأت العام 2000، وفي العام 2010 دخلت حيز التنفيذ بشكل كامل.
وأضاف: إن صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة كانت تقدر بعدة ملايين فقط، أما اليوم فقد وصلت إلى حوالى 2.2 مليار دينار (3.1 مليار دولار).
وأشار إلى أن "قطاع الألبسة وحده يشكل ما يقارب مليار ونصف المليار دينار أردني من هذه الصادرات، يليه قطاع الحلي والمجوهرات، ثم قطاعات أخرى مثل الأسمدة والصناعات الهندسية وبعض المواد الغذائية".
وقال لرويترز: إن آليات تنفيذ وتطبيق القرار الأخير المتعلق بالرسوم الجمركية "ما زالت غير واضحة، وبالتالي فإن تقييم الأثر الاقتصادي لهذا القرار يتطلب وقتاً حتى تتضح تفاصيل التنفيذ".
لكنه أبدى اطمئنانه تجاه النهج الذي تتبعه غرفة صناعة الأردن والحكومة بشأن الصادرات من حيث تنويع السلع والأسواق، وفتح آفاق جديدة، وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، والمشاركة في المعارض الدولية، وتنظيم لقاءات عمل ثنائية مع دول أوروبية وأفريقية ودول الجوار.
وأوضح أن هذا النهج كان معتمداً منذ فترة، وليس رد فعل على التطورات الأخيرة فقط، لكنه جزء من إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز قدرة القطاع الصناعي الأردني على المنافسة عالمياً.
أما نقيب تجار الحلي والمجوهرات ربحي علان، فيرى أنه لا توجد حلول فورية لعلاج مسألة الرسوم الجديدة إذ لا تزال المفاوضات جارية بين الولايات المتحدة ودول العالم، ومن ضمنها الأردن، لتعديل أو إلغاء الرسوم وهو ما قد يستغرق وقتاً.
وأوضح أن قيمة صادرات الأردن من الحلي والمجوهرات للسوق الأميركية تبلغ 820 مليون دينار.
وقال لرويترز: "الأردن من البلاد التي تصدر المصاغات الذهبية للولايات المتحدة.. وطبعاً، في حال تثبيت الرسوم بنسبة 20 بالمئة سيتأثر أو حتى يتوقف تصدير المصاغ الذهبي للولايات المتحدة على المدى القريب".
وأضاف: "طبعاً لا يوجد حلول آنية، إلا أن نرى الأسواق العربية واستخدام اتفاقية جامعة الدول العربية في التعامل مع الدول العربية الشقيقة، سواء في الخليج العربي أو في دول المغرب العربي".
ويمثل قطاع الصناعات الغذائية ضلعاً مؤثراً في الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة، لذلك كان لإعلان قرار الرسوم الأميركية صدى واسع نظراً لحساسية عناصر ومكونات هذا القطاع.
وقال محمد الجيطان ممثل قطاع الصناعات الغذائية والتموينية والزراعية والثروة الحيوانية في غرفة صناعة الأردن: إن الولايات المتحدة تُعد الوجهة الأولى للصادرات الأردنية، بما يعادل ربع إجمالي الصادرات الوطنية، وهو ما يعكس مستوى عالياً من الاعتماد على هذا السوق.
وأضاف: إن هذا الاعتماد يجعل الاقتصاد الأردني عرضة بشكل مباشر لأي تغييرات أو قيود تفرضها الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى تباطؤ في نمو القطاعات الصناعية المختلفة، ويمتد تأثيره ليشمل العمالة، وسلاسل التوريد، ومعدلات التشغيل، وحتى ميزان المدفوعات.
وأشار إلى أن صادرات الأردن من المواد الغذائية إلى السوق الأميركية تبلغ ما يقارب 50 مليون دينار أردني، وهي تمثل جزءاً مهماً من صادرات القطاع، ما يجعل من الضروري مراقبة أي أثر محتمل لهذه الرسوم على الصناعات الغذائية تحديداً.
وأشار الجيطان إلى أن الدراسات الأولية تتوقع أن يكون التأثير على الأردن محدوداً نسبياً في ظل فرض رسوم جمركية على بعض الدول المنافسة أيضاً "إلا أن المطلوب في هذه المرحلة هو تحرك سريع من الحكومة الأردنية لبدء حوار مباشر مع الجانب الأميركي بهدف التخفيف من أثر هذه الرسوم، والسعي إلى استثناء بعض المنتجات الأردنية منها، وإزالة أي معيقات تواجه التبادل التجاري المشترك".
وأكد على أهمية أن تتضمن الاستجابة الحكومية، حال تأثرت الصناعات، برامج داعمة تضمن استدامة الصادرات الصناعية وتنافسيتها عالمياً، إلى جانب وضع حلول حقيقية لتنويع الأسواق والمنتجات التصديرية، بما يعزز من قدرة القطاع الصناعي الأردني على التكيف مع المتغيرات الدولية.
0 تعليق