المسارات الليبية الثلاثة.. طريق نحو الحل أم تعميق للأزمة؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

يقف الليبيون عند مفترق طرق حرج، حيث تتزاحم ثلاثة مسارات سياسية يبدو ظاهرها توجها نحو الحل، بينما يخشى مراقبون أن تكون في جوهرها خطوات جديدة لإعادة إنتاج الصراع القائم.

ففي ظل التعقيد والتداخل في الساحة السياسية، تتنازع ليبيا حاليا ثلاث مبادرات متوازية، جميعها ترفع شعار "الحل"، إلا أنها قد تفضي وفقا لخبراء إلى مزيد من الانقسام، ما لم يتم التوصل إلى صيغة توافقية شاملة.

وتتمثل هذه المسارات في مبادرة بعثة الأمم المتحدة التي تدعو إلى تشكيل حكومة توافقية، وجهود مجلس النواب الهادفة إلى تسمية حكومة جديدة، إضافة إلى مبادرة المجلس الرئاسي الأخيرة التي أعلن من خلالها رغبته في تشكيل حكومة بديلة.

هذه الخطوات المتوازية أثارت مخاوف من الدخول في مرحلة جديدة من النزاع حول الشرعية وتوزيع السلطات.

المجلس الرئاسي يطرح مسارا ثالثا

يوم الأربعاء، أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عن نيته تشكيل حكومة جديدة، في خطوة اعتبرت من قبل مراقبين بمثابة مسار ثالث ينافس المسارين الأممي والبرلماني، ويعيد خلط الأوراق السياسية، مطلقا تساؤلات بشأن صلاحيات المجلس ومشروعية المبادرة.

وفي بيان رسمي، شدد المنفي على أن تعيين رئيس حكومة يقع ضمن صلاحيات المجلس الرئاسي، مستندا إلى التعديل رقم 11 للاتفاق السياسي الليبي لعام 2018 والمدمج في الإعلان الدستوري.

وأوضح أن مبادرته تهدف إلى إنهاء الانقسام السياسي، وتهيئة البلاد لإجراء انتخابات عامة، داعيا إلى توافق وطني يقود إلى مرحلة انتقالية مستقرة.

غير أن هذه الخطوة لم تأت في فراغ سياسي، فمجلس النواب يواصل حاليا دراسة ملفات المرشحين لرئاسة حكومة جديدة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة، في حين تسعى بعثة الأمم المتحدة إلى الدفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية مؤقتة تقود البلاد خلال العامين المقبلين نحو الانتخابات.

تعدد المسارات... تعقيد إضافي؟

يرى عدد من المحللين السياسيين، تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، أن دخول ثلاث جهات فاعلة في مسارات متوازية لتشكيل حكومة واحدة يعمّق الأزمة الليبية عوضا عن حلها.

فغياب اتفاق شامل وملزم يجعل من المستحيل فرض خارطة طريق من طرف واحد.

وفي المقابل، يرى آخرون أن مبادرة المنفي قد تمثل فرصة جديدة لكسر الجمود السياسي، شريطة أن تحظى بقبول محلي ودعم إقليمي ودولي.

الصلاحيات والشرعية

المحلل السياسي الليبي، عمر أبو سعيدة، وصف هذه التحركات بأنها "محاولات لإثبات الوجود السياسي" من أطراف لم تقدم، حسب رأيه، أي حلول فعلية منذ سنوات.

وفي تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكد أبو سعيدة أن مبادرة المجلس الرئاسي "تواجه تحديين كبيرين: الأول، أنها خطوة أحادية ترفضها الأمم المتحدة والمبعوث الأميركي، وتعترض عليها أطراف ليبية محلية، والثاني، أن شرعية القرار قد تكون عرضة للطعن من قبل القوى السياسية المنافسة".

كما أشار أبو سعيدة إلى وجود انقسامات داخل المجلس الرئاسي نفسه، لافتا إلى أن بعض الأعضاء سبق أن عبّروا عن رفضهم لتفرد المنفي بالقرارات، واعتبروا ذلك تجاوزا للصلاحيات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الذي تأسس عليه المجلس.

منظور قانوني: التعديل الحادي عشر غير كاف

الخبير القانوني والدستوري محمد صالح جبريل اللافي، يرى أن التعديل الحادي عشر الذي يستند إليه المنفي "لم يعد صالحا"، نظرا لصدور تعديلات لاحقة – أبرزها تشكيل حكومة الوحدة الوطنية – والتي اعتُبرت ناسخة لما قبلها.

واعتبر اللافي أن صلاحيات المجلس الرئاسي الحالية لا تشمل تشكيل حكومة جديدة.

وفي تصريحه لـموقع "سكاي نيوز عربية"، حذر اللافي من الاستمرار في العمل بالإعلان الدستوري المؤقت الذي مضى عليه أكثر من 15 عاما، مشددا على الحاجة الملحة لوضع دستور دائم يشكل مرجعية واضحة للمرحلة الانتقالية القادمة، ويكفل احترام إرادة الشعب الليبي في اختيار ممثليه.

احتقان شعبي متصاعد

على الأرض، لا يبدو الشارع الليبي غافلا عن هذه التطورات، فقد أكد المحلل السياسي، صبري المبروك، أن العاصمة طرابلس تشهد حالة من الاحتقان المتزايد، في ظل الاستعدادات لمظاهرات شعبية، يوم الجمعة، تطالب بإسقاط الحكومة الحالية، وتدعو إلى تكليف رئيس المحكمة العليا بإدارة الدولة مؤقتا لحين إجراء الانتخابات.

ونبّه المبروك في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أن طرح المنفي لنفسه كبديل سياسي قد يؤدي إلى إقصائه هو وحكومة الدبيبة معا، في حال اعتبر الشارع أن كليهما يمثلان وجها واحدا لحالة سياسية فقدت ثقة المواطنين.

علاقة متوترة بالمجتمع الدولي

من جانبه، قال المحلل السياسي رمضان شليق، إن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية جاءا نتاجا لمخرجات لجنة الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة، ولا يمكن لأي من الجهتين تجاوز المسار الأممي دون أن يفقد شرعيته.

وشدد شليق على أن الاتفاق السياسي لا يمنح المجلس الرئاسي صلاحية تشكيل حكومة بشكل منفرد.

وبيّن شليق، في تصريح لـموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الشارع الليبي بات يشعر بإحباط متزايد من العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، التي لم تنتج حتى الآن حكومة وطنية بعيدة عن التدخلات الأجنبية، مؤكدا أن أي حل جديد يجب أن ينبثق عن توافق داخلي حقيقي، لا أن يُفرض من الخارج.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق