عاجل

التفكير المفرط... ولماذا لا يتوقف؟ - اخبار الكويت

0 تعليق ارسل طباعة
تم النشر في: 

23 أبريل 2025, 8:57 صباحاً

نمر جميعًا بلحظات يتجمد فيها ذهننا وسط سيل من الأفكار المتكررة. نُعيد مشاهد أو مواقف حدثت، نحللها من كل زاوية، ونتساءل: ماذا كان يجب أن نفعل؟ هل اتخذنا القرار الصحيح؟ هذا النمط من التفكير الذي لا ينتهي يُعرف بالتفكير المفرط.

في السياقات العلاجية، يُطلق عليه مصطلح "الاجترار الذهني"، وهو تكرار لا نهائي لأفكار لا تقود إلى نتيجة. سواء أسميناه تفكيرًا زائدًا، وسواسًا، أو اجترارًا، فالحصيلة واحدة: إنها حالة تستنزف طاقتنا النفسية والعاطفية.

ورغم كثرة الأبحاث والاستراتيجيات المطروحة لمواجهة هذا النمط من التفكير، لا يزال يطارد ملايين الناس حول العالم، لأنه عندما نقع في دوّامته، يبدو الخروج منه أمرًا مستحيلًا.

بعض الحلول السريعة مثل تشتيت الانتباه قد تُخفف من وطأته مؤقتًا، لكنها لا تقطع الدائرة. فالعقل يعود دومًا إلى نفس النقطة. لذلك، بدأ المختصون بالاعتماد أكثر على تقنيات اليقظة الذهنية، وهي نهج حديث لكنه فعّال في تغيير طريقة تفكيرنا جذريًا.

ماذا تعني اليقظة الذهنية؟

ببساطة، اليقظة الذهنية هي فن الانتباه لأفكارنا دون الانجرار خلفها.

هي القدرة على ملاحظة ما يدور في عقلنا، الاعتراف بوجوده، ثم تركه يمضي دون مقاومة أو انغماس.

غالبًا ما ترتبط اليقظة الذهنية بالتأمل، لكنها ليست حكرًا عليه. بل يمكننا تطبيقها في كل لحظة من يومنا—حين نلاحظ تدفق فكرة مزعجة، ونختار ألّا نتفاعل معها، بل نراقبها ونتركها ترحل.

كيف تختلف اليقظة عن الطمأنة؟

في لحظات التفكير الزائد، قد نحاول تهدئة أنفسنا بعبارات مثل: "لا تقلق، الأمور بخير" أو "لا يمكنني معرفة ما إذا كنت تصرفت بشكل صحيح".

لكن الطمأنة الزائدة لا توقف التفكير، بل قد تزيد الحاجة للمزيد منها.

أما في النهج اليقظ، لا نحاول دحض الفكرة أو إثبات صحتها. بل نراها كما هي: مجرد فكرة، لا أكثر ولا أقل. ليست حقيقة مطلقة، وليست أمرًا علينا التعامل معه حالًا.

حين نُدرك أن الأفكار لا تملك القوة إلا إذا منحناها إياها، نبدأ في التحرر منها.

لماذا يصعب التوقف عن التفكير؟

الانتقال من التفكير المفرط إلى الوعي الذهني ليس سهلًا.

فدماغنا مبرمج على "الحل"، يريد الفهم، السيطرة، وتجنّب الألم. لذا نميل إلى إعادة التفكير في مواقفنا، أملاً في تصحيحها أو تفسيرها.

لكن الحقيقة هي: لا يمكن تغيير الماضي بالتفكير فيه.

إعادة تكرار التجربة في ذهنك لن يغير نتيجتها، لكنه قد يزيد شعورك بالقلق، العجز، أو حتى الاكتئاب.

هل يمكنك أن تسأل أفكارك؟

حين تبدأ دوامة التفكير بالاتساع، غالبًا ما نشعر أننا فقدنا السيطرة. لكننا نملك دائمًا لحظة فاصلة—لحظة نتوقف فيها ونتساءل بدلًا من الانجراف.

في تلك اللحظة، لا نحتاج لحلٍ فوري، بل لوقفة نعيد فيها الوعي إلى أنفسنا.

جرب أن تطرح هذه الأسئلة على نفسك:

1.هل هذه الأفكار تساعدني أم تستهلكني؟

2.هل استمرار التفكير سيغيّر شيئًا فعلاً؟

3.هل من الضروري التعامل مع هذه الفكرة الآن؟

4.كيف أشعر وأنا أفكر في هذا الأمر؟

5.هل هناك خطوة عملية أستطيع اتخاذها بدلًا من التفكير فقط؟

طرح هذه الأسئلة لا يُنهي التفكير، لكنه يُعيد ترتيب علاقتنا به. يجعلنا نلاحظ بدل أن ننجرف، نراقب بدل أن نصدق، ونُدرك أن بعض الأفكار لا تحتاج منا أكثر من الاعتراف بوجودها... ثم تركها تمضي.

التفكير بحد ذاته ليس العدو.

لكن عندما يتحول إلى اجترار، وعندما نفقد قدرتنا على التوقف، يصبح عبئًا على أرواحنا.

الراحة لا تأتي من محو الأفكار، بل من تغيير علاقتنا بها.

حين نُدرك أن بإمكاننا ملاحظة أفكارنا دون أن نحاربها، نكون قد خطونا أول خطوة نحو التحرر.

أعطِ نفسك الإذن بأن تُفكّر أقل، وأن تعيش أكثر. فالحياة لا تحدث داخل رأسك، بل في اللحظة التي أمامك الآن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق