أكّد خبراء في قطاعي السياحة والذكاء الاصطناعي، أن التحوّل الرقمي بات محرّكاً رئيسياً لازدهار السياحة في الإمارات. لافتين إلى أنّه أثّر بشكل مباشر في قرارات أكثر من 70% من الزوّار لاختيار الدولة كوجهة مفضلة. مشيرين إلى أن الإمارات تمضي بخطى متسارعة نحو تسخير التقنيات الحديثة في تطوير القطاع.
وقال هؤلاء ل«الخليج» إن المنصات الرقمية أصبحت واجهة تسويقية متكاملة قادرة على جذب المسافرين. مشيرين إلى أن المحتوى الرقمي يحقق ما يصل إلى 40% من إجمالي الحجوزات الفندقية، خاصة بين الفئات العمرية الشابة من جيل المسافرين الجديد.
أضاف الخبراء أن السياحة في الإمارات، لم تعد تبدأ عند حجز التذكرة، بل عند لحظة تصفّح الهاتف، حيث تُسهم التجارب الافتراضية، والمحتوى التفاعلي، والتوصيات اللحظية، في تشكيل الانطباع الأول، وتحفيز السائح على الحجز قبل أن تطأ قدماه أرض الدولة. وقالوا إن الإمارات نجحت في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الذكية، والتقييمات الفورية، في تعزيز تجربة السائح قبل وأثناء الرحلة، عبر عروض مصممة خصيصاً، ودعم متعدد اللغات، وخيارات دفع آمنة، وخدمات تفاعلية تبني الثقة، إضافة إلى استخدام التحليلات الرقمية لقياس مدى التفاعل مع الحملات السياحية وتحسينها، لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية. وفي سياق متصل أظهر استطلاع حديث لشركة «كي بي إم جي» للاستشارات المهنية، أن 88% من زوار دبي اعتبروا أن التكنولوجيا الحديثة، كانت عاملاً مهمّاً في تجربتهم الفندقية.
كما كشفت مجموعة «آي مارك» للأبحاث التسويقية، أن سوق السفر الإلكتروني في الإمارات شهد نموّاً لافتاً، إذ بلغت قيمته نحو 2.7 مليار دولار في 2024، مع توقعات بأن يتضاعف إلى نحو 6.3 مليار، بحلول 2033. وعزى التقرير هذا النمو إلى ارتفاع معدلات الحجز الرقمي، نتيجة الخيارات المتنوعة التي يتم توفيرها.
سمعة رقمية
قالت زينب حمارشة، خبيرة التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي، أن التحوّل الرقمي في الإمارات لعب دوراً محورياً في ازدهار قطاع السياحة، لافتة إلى أنه بات بإمكان السيّاح اليوم، عبر شاشات هواتفهم، حجز تذاكر السفر والإقامة، واستكشاف الفعاليات والمطاعم القريبة، وحتى القيام بجولات افتراضية قبل الوصول.
وتابعت: «الإمارات تبنّت تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال، إذ تُستخدم اليوم لتحليل اهتمامات السائح، وتقديم توصيات مخصصة له، إلى جانب توفير دعم فوري بلغات متعددة والتنبؤ بالأنشطة والعروض المناسبة، ما يعزز تجربة الزائر. كما أصبحت تقييمات المستخدمين الرقمية على منصات الحجز مرجعاً أساسياً في قرارات السائح، ما دفع الجهات السياحية للاهتمام بجودة التجربة ورضا الزوار لضمان بناء سمعة رقمية قوية، إضافة إلى ذلك توظف الجهات السياحية أدوات رقمية حديثة، مثل الحملات الموجهة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الحجز الذكية، والخرائط التفاعلية، وتجارب العروض الافتراضية، التي تسمح للزوار بالتفاعل مع الوجهات قبل الوصول إليها».
وأكدت أن التفاعل الآنيّ مع الزوار أصبح سمة بارزة في قطاع السياحة، من خلال استخدام الردود الفورية، والمحتوى اللحظي لتعزيز الثقة، وتحويل الاهتمام إلى حجوزات فعلية، ما أسهم في ترسيخ مكانة الدولة كوجهة سياحية عالمية ذكية.
تعزيز الإشغالات
قال وليد أبو زيد، مدير الشؤون التقنية في مجموعة فنادق «تايم»، أن المحتوى الرقمي يسهم بنحو 40% من إجمالي الحجوزات في الفندق. لافتاً إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت أداة رئيسية في جذب النزلاء وتعزيز الإشغالات، وتحوّلت إلى واجهة تفاعلية للفنادق، تتيح عرض الخدمات بطريقة جذابة، من خلال الصور والفيديوهات.
وأضاف: «تتراوح أعمار الفئات الأكثر تفاعلاً مع المحتوى الرقمي بين 25 و45 عاماً، مع تفاعل ملحوظ من جنسيات مثل السعودية والكويت والهند والمملكة المتحدة. إضافة إلى ذلك تلعب التقييمات الإلكترونية دوراً في قرارات الحجز، فالمسافر اليوم يعتمد بشكل كبير على آراء وتجارب الآخرين، ما يجعل إدارة السمعة الرقمية جزءاً من استراتيجيتنا التسويقية. الذكاء الاصطناعي بات يُستخدم في تخصيص العروض وفق سلوك العملاء، والتنبؤ بمعدلات الإشغال لتعديل الأسعار، بالإضافة إلى دعم خدمة العملاء من خلال روبوتات الدردشة الآلية. كل هذه الأدوات ساعدتنا في جذب النزلاء والسياح».
تفاعل لحظي
أوضح د.هيثم الحاج علي، مدير شركة «دبي لينك» للسياحة ومنصة «جي تي إي» للحجوزات، أن التحول الرقمي في الإمارات ساعد السائح على اتخاذ قراراته بسهولة وسرعة، من خلال المحتوى المرئي، والجولات الافتراضية، والمعلومات الفورية المتاحة، والتي تُمكّنه من مقارنة الوجهات والخدمات بشكل دقيق. لافتاً إلى أن نسبة مساهمة التحول الرقمي في التأثير على قرارات السيّاح في الإمارات تتجاوز 70%. وأن الهواتف الذكية أصبحت المصدر الأول للمعلومات والحجز لدى جيل المسافرين الجديد.
وأشار إلى أن هناك إقبالاً من السياح على استخدام التطبيقات، التي توفر خدمات الحجز الفوري، الخرائط التفاعلية، المساعِدات الذكية متعددة اللغات، إضافة إلى المنصات التي تقدم عروضاً حصرية وتجارب افتراضية.
وتابع: «هذه الأدوات لا تقتصر فائدتها على مرحلة ما قبل السفر فقط، بل تُحدث فرقاً ملموساً بعد وصول السائح للدولة، إذ تتيح له التنقل بسلاسة، الدفع إلكترونياً بشكل آمن، واكتشاف الفعاليات بناءً على توصيات لحظية. أيضاً يتم اعتماد أدوات تحليل رقمية متقدمة لرصد تأثير الحملات التسويقية الرقمية، من خلال تتبع مدى الوصول، والتفاعل، والتحويلات المباشرة للحجوزات، لتحسين الاستراتيجيات التسويقية وفهم سلوك الزوار. كما بات بإمكان الزائر بضغطة زر التقدّم بطلب للحصول على التأشيرة بسهولة وسرعة. السياح يبحثون عن تطبيقات ذكية بواجهة استخدام بسيطة تحتوي على كل هذه الأدوات والخيارات، وهذه ما توفّره الإمارات، من خلال الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا الحديثة».
0 تعليق