قضية «الطفلة آمنة»... ذعرٌ في وضح النهار - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

استيقظت الكويت، في أحد أيام عام 2002، على خبر مفجع أثار الذعر في قلوب الناس، بعد أن اختفت طفلة من بين أهلها في وضح النهار، دون أي أثر.

ومن هنا وقع الاختيار على أن تكون قضية الطفلة آمنة العنوان العريض لخامس حلقات «رُفعَت الجلسة»، التي يقدّمها الزميل المحامي د. حسين العبدالله.

لم تكن الطفلة آمنة قد تجاوزت أعوامها القليلة، وقد أثار غيابها حالة من القلق الشعبي العارم، امتدت من منزلها إلى شوارع البلاد، ومن صفحات الجرائد إلى نشرات الأخبار، حيث سارعت الأجهزة الأمنية، واستنفرت عناصرها في محاولة للعثور على الطفلة، أو على خيط يقود إلى مصيرها المجهول.

لكن ما تبيّن لاحقاً كان أسوأ من كل التوقعات، فخلال التحقيقات، أعلن القبض على عدد من المتهمين تربطهم صلات محيطية بالطفلة، وقد أحيلوا إلى النيابة العامة، ليفصحوا عن تفاصيل مروعة من خلال تكثيف التحقيقات، وبدت روايتهم وكأنها مشاهد من فيلم رعب، لكنه حقيقي!

اتضح أن الطفلة آمنة كانت ضحية تصفية حسابات، لكنها لم تكن طرفاً في هذه الحسابات، فقد وقعت فريسة لخصومة دارت بين بالغين قُساة، لم يترددوا في خطفها، والاعتداء عليها، ثم قتلها بدمٍ بارد.



أهدر المتهمون حياتها بدم بارد فعلاً، حيث لم يُظهروا ندماً في سرد اعترافاتهم، ولا ارتباكاً أثناء تمثيلهم الجريمة، سردوا تفاصيل الاعتداء والقتل وكأنهم يروون مشهداً درامياً مُتخيلاً، وقد أثار ذلك البرود استفزازاً هائلاً في الشارع الكويتي، وزاد من احتقان الرأي العام، وجعل الجريمة واحدة من أبشع القضايا التي شهدتها الكويت خلال العقد الأول من الألفية الجديدة.

من قاعة رقم 15 في مبنى قصر العدل القديم، وهي واحدة من أكثر القاعات شهرة في سجل القضاء الكويتي، وشهدت سابقاً قضايا هزّت الرأي العام، عُقدت المحاكمة التي ترأسها المستشار علي مساعد الضبيبي.

ظهر المتهمون خلف قفص الاتهام، وسط حضور جماهيري وإعلامي مكثّف، وعلى مدار جلسات طويلة، استمعت المحكمة لأقوال المتهمين، ودفوع محاميهم، وشهادات الشهود، وحاول الدفاع (كما جرت العادة في القضايا الجنائية الكبرى) إثارة الشكوك، حول بعض إجراءات الضبط، أو الترتيب الزمني لبعض الوقائع.

لكن المحكمة، التي التزمت الحياد ووفّرت كل الضمانات القانونية للمتهمين، لم تتأثر بزخم القضية أو بموجة الغضب العام، وكانت الجريمة صادمة بكل المقاييس، فهناك طفلة تُختطف، ثم يُعتدى عليها جسدياً، وتُقتل بوحشية، من قبل أشخاص لا يربطهم بها إلا حقد متراكم لم يكن لها فيه يد ولا ذنب.

لهذا، وبعد استيفاء جميع الإجراءات، أصدرت المحكمة حكمها بالإعدام شنقاً على المتهمين، وهو حكم أيّدته محكمة الاستئناف، ثم محكمة التمييز، قبل أن يُنفّذ لاحقاً على ساحة القصاص، أمام أعين العدالة والمجتمع.

وقد أعاد تطبيق القصاص بعض الطمأنينة للشارع الكويتي، الذي لم يهدأ إلا بعد أن رأى أن العدالة أخذت مجراها، ومع ذلك، فإن الحادثة بقيت محفورة في الذاكرة الجماعية، ليس فقط لهول ما جرى، بل لطبيعة المتهمين أنفسهم الذين تحدّثوا بأعصاب باردة، دون ندم، ولا حتى تردُّد!

وفي جلسات المحاكمة، كانت قاعة المحكمة تعكس المجتمع بكل أطيافه، الجمهور يجلس في الخلف، المحامون في المقدمة، المتهمون خلف القضبان، والنساء على الجانب الأيسر، والرجال على الجانب الآخر، أما الجلسات فكانت تبدأ صباحاً بعد التاسعة بقليل، وتستمر حتى تستكمل كل الأوراق، ويُقرأ كل سطر.

قضية آمنة لم تكن مجرد قضية جنائية، بل كانت صدمة وطنية، تعلّق بها الناس، وتابعوا تفاصيلها لحظة بلحظة، وكانت شاهدة على قسوة بعض القلوب، وعدالة قاعة، ومكان اسمه قصر العدل، لم يتهاون أبداً مع القتلة المجرمين.

أخبار ذات صلة

0 تعليق