عاجل

اجتاح أوروبا.. "تسونامي الاعتراف" بفلسطين يشعل الجدل الدولي - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

هذا التحرك الدولي الواسع وصفه قياديون فلسطينيون بـ"تسونامي الاعتراف"، في وقت أشار فيه وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن إلى أن هذه الخطوة "صحيحة أخلاقيًا" وتعكس إجماعًا دوليًا، لكنها مشروطة بمجموعة من الالتزامات لضمان عدم تهديد أمن إسرائيل واستقرار السلطة الفلسطينية.

ويأتي هذا التسونامي في سياق سياسي متقاطع، حيث تتشابك الاعترافات الدولية مع مأساة غزة، والانقسامات الداخلية الفلسطينية، والتحديات التي تفرضها حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة.

في هذا الإطار، قال الوزير السابق والقيادي في حركة فتح نبيل عمر خلال حديثه لبرنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" إن "الاعتراف من حيث المبدأ بقيام وضرورة قيام الدولة الفلسطينية قد تم على مستوى العالم كله"، مضيفًا أن "السجال اليوم ليس حول وجود الدولة، بل حول مواصفاتها وكيفية قيامها".

بلينكن والاعتراف المشروط

في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، قدم بلينكن رؤية تقوم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل مشروط، مؤكدًا أن القرارات الأخيرة من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا تمثل "خطوة صحيحة من الناحية الأخلاقية".

لكنه أشار إلى أن الاعتراف وحده لا يكفي ما لم يترافق مع خطوات عملية، تشمل:

عدم سيطرة جماعات مسلحة أو مرتبطة بإيران على الدولة الفلسطينية، أو تصنيفها إرهابية من قبل إسرائيل. التزام إسرائيل بوقف توسيع المستوطنات ومحاسبة المتطرفين من المستوطنين. احترام الأماكن المقدسة، مع العمل على إصلاح السلطة الفلسطينية بدل تفكيكها. معالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل عاجل لتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين.

ويؤكد بلينكن أن هذه الشروط تعكس نهجًا دبلوماسيًا متوازنًا بين دعم حق الفلسطينيين في الدولة وبين حماية مصالح إسرائيل، في خطوة يمكن أن تفتح الباب نحو مسار تفاوضي جديد يهدف إلى السلام المستدام.

من المبدأ إلى المواصفات

أكد نبيل عمر أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية "قد تم بالفعل من حيث المبدأ، وإن اختلفت درجة القبول بين الدول وبين إسرائيل والولايات المتحدة".

وأضاف: "الآن المعركة الحقيقية هي على مواصفات الدولة الفلسطينية وكيفية تأسيسها، وليس على وجودها".

وأوضح عمر أن إسرائيل تضع شروطًا تتعلق بأمنها ومنع أي تهديد مستقبلي من الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن "الأميركيين يجاملون الإسرائيليين تمامًا في هذه الشروط، سواء الديمقراطيون أو الجمهوريون".

وأضاف: "بهذا المعنى، انتهت مرحلة الاعتراف المبدئي، وسيستمر النقاش حول مواصفات الدولة وكيفية قيامها".

وحذر عمر من بطء خطوات السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن المطلوب "جهد أكبر وأسرع وأوضح في معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني"، مؤكدًا أن القضية ليست فقط كيفية اتفاق فتح وحماس، بل "كيفية تأسيس دولة نوعية تولد قوية وليست إضافة إلى قائمة الدول الفاشلة في العالم".

التحديات الداخلية الفلسطينية

يشير عمر إلى أن الفلسطينيين يتمتعون بالإجماع على مبدأ الدولة ومواصفاتها، بما في ذلك فكرة نزع السلاح، لكن الانقسامات الداخلية تمثل تحديًا كبيرًا أمام ترجمة الاعتراف الدولي إلى واقع ملموس.

وقال: "القضية ليست موضوع الدولة بحد ذاته، بل كيفية بلورة موقف موحد حول كل المواضيع المتعلقة بالشأن الفلسطيني، بما في ذلك وقف الحرب على غزة وبناء الوضع الداخلي".

ويضيف أن الفكرة الجوهرية هي أن الفلسطينيين يتحملون الجزء الأكبر من تحويل "تسونامي الاعتراف" إلى أرضية عملية، عبر إصلاح مؤسسات السلطة، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، ومعالجة الانقسام الداخلي، وتأسيس دولة ديمقراطية حديثة تعمل وفق مؤسسات منتخبة من الشعب الفلسطيني.

غزة.. الاختبار الأكبر للسيادة الفلسطينية

في حديثه، شدد عمر على أن إعادة إعمار غزة وإدارتها بعد أي تسوية يجب أن تكون مسؤولية فلسطينية بمساندة عربية ودولية، وقال: "اليوم التالي للحرب يجب أن يكون فلسطينيًا بالكامل، ربما من خلال لجنة الإسناد المجتمعي أو آلية عربية داعمة".

وأوضح أن هذا اليوم سيشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفلسطينيين على إدارة مواردهم وإعادة بناء مؤسساتهم، مع ضرورة توفير دعم مالي ضخم يشبه خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية.

وأشار عمر إلى أن أي تدخل إسرائيلي مباشر بعد الانسحاب من غزة سيكون غير مقبول، مؤكداً أن الفلسطينيين هم العامل الرئيسي في إدارة القطاع ودعم إعادة الإعمار، بمشاركة الدول العربية والدولية فقط في الدور الداعم وليس المهيمن.

الإطار الدولي والدبلوماسي

يؤكد عمر أن العالم تغير منذ زمن فك الارتباط وحرب 1967، وحتى مرحلة الاعتراف الشامل بمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقال: "اليوم تتداخل ملفات الأرض والشعب والسيادة والاقتصاد والاعتراف الدولي في حزمة واحدة، ما يفرض على الفلسطينيين صياغة استراتيجية متكاملة تربط هذه الأبعاد معًا".

وفي هذا السياق، يرى أن تصريحات بلينكن لا تختلف كثيرًا عن رؤى دول المنطقة حول الوصول إلى دولة فلسطينية حقيقية: "هي رؤية تستند إلى إنشاء دولة نوعية قابلة للحياة، وقادرة على أن تكون شريكًا للتفاوض وليس مجرد كيان رمزي".

عقبة أمام السلام

حذر عمر من استمرار سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ربط الحرب على غزة بمصيره السياسي، وقال: "لو تعاون مع الوسطاء العرب، لكان معظم جميع المحتجزين قد وصلوا إلى إسرائيل وانتهت حرب غزة".

وأضاف: "لكن نتنياهو ربط الحرب ببقائه في السلطة، والآن بدأ الإسرائيليون يدركون خطورة حكمه من قبل نتنياهو والحريديم واليمين المتطرف".

وأشار إلى أن الانتخابات المقبلة في إسرائيل قد تخلق متغيرًا مهمًا في الموقف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، خاصة مع تراجع شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي، ما قد يفتح الباب أمام فرص جديدة للحوار والتسوية.

خطوة أولى نحو السلام

يبقى "تسونامي الاعتراف" بالدولة الفلسطينية حدثًا رمزيًا وسياسيًا مهمًا، لكنه ليس ضمانة كافية لإقامة الدولة على الأرض.

نجاح هذا التحول يعتمد على قدرة الفلسطينيين على تسريع الإصلاح الداخلي، بناء مؤسسات قوية، وتوحيد الموقف الوطني حول جميع القضايا الكبرى.

وفي المقابل، يبقى الموقف الإسرائيلي العقبة الكبرى، التي لن تتغير إلا بتغيرات داخلية، ربما عبر صناديق الاقتراع.

يؤكد نبيل عمر أن الفلسطينيين أمام فرصة تاريخية لتحويل الزخم الدولي إلى واقع ملموس، مضيفًا: "إذا نجحنا في تقديم نموذج دولة نوعية، فإن الاعتراف الدولي لن يبقى مجرد رمزية أخلاقية، بل يصبح أرضية حقيقية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق