كتب عيسى سعد الله:
شهدت معظم مناطق محافظتي غزة والشمال، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، عمليات نزوح جماعي لعشرات آلاف المواطنين، بعد تعرضها لتهديدات أعقبها عمليات قصف مشدد، أودت بحياة عشرات المواطنين.
فبعد أن أنذر معظم سكان مدينة غزة، وتحديداً سكان حيي تل الهوى والرمال الجنوبي، بالإخلاء أنذر جيش الاحتلال أحياء متفرقة في محافظة شمال غزة، خاصة أحياء السلاطين والعطاطرة والأمل والكرامة وتل الزعتر، إضافة الى المناطق الشرقية لبلدة جباليا.
ولم يعرف المواطنون الى أي مكان يذهبون، وقضوا معظم الليل مفترشين الأرض، وبين خيام النازحين في مخيمات النازحين التي تنتشر في كل مكان.
وتواصلت عمليات النزوح بعد اشتداد القصف ليلاً وصباح أمس، الذي أسفر عنه إبادة عائلات بأكملها، كعائلة شهاب في جباليا النزلة التي استشهد جميع أفرادها البالغ عددهم سبعة، وعائلة خلة التي أبيدت بالكامل تقريباً، وعائلات مقبل والنجار وسويلم، وغيرها من العائلات، عدا الإصابات المتفرقة نتيجة عمليات الاغتيال والاستهدافات الأخرى.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بنشر خرائط الإخلاء عبر مواقع أمنية تابعة لها، بل قامت بإلقاء منشورات تتوعد المواطنين بالقتل والموت إذا بقوا في تلك المناطق. وأعقبت التهديدات والإنذارات بالإخلاء بقصف مكثف لهذه المناطق من قبل الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة.
ولم تسلم الا مربعات وأحياء قليلة من المحافظتين من إنذارات الإخلاء، وكانت مدينة غزة شهدت مساء أول من أمس، حالة من البلبلة غير المسبوقة بعد أن أنذر جيش الاحتلال سكان حي الرمال، الأهم في قطاع غزة والأكثر اكتظاظاً بالمواطنين والمنشآت الصحية والخدماتية ومراكز الإيواء.
ففي الوقت الذي فضل العديد من المواطنين إخلاء الحي نظراً لخطورة الأوضاع الأمنية، آثر آخرون البقاء لعدم وجود خيارات أمامهم في ظل انعدام الأماكن والمناطق الآمنة الأخرى.
وهام المواطنون على وجوهم، خاصة المرضى والجرحى المتواجدين في مستشفيي الشفاء وأصدقاء المريض، والعيادات الأخرى التي تعج بهم، حيث اضطر البعض للانتقال الى مراكز صحية في مناطق اعتبروها أكثر أمناً في حي النصر المجاور. وقضى المواطنون الساعات الأخيرة في خوف وقلق وحيرة، بانتظار ما ستفعله قوات الاحتلال في ظل تحريضها المتواصل على الحي.
ورغم حالة الهدوء النسبية التي شهدها الحي ليلة أول من أمس الا أن الخوف لا يزال يعتري المواطنين من إمكانية تعرض الحي لأحزمة نارية وغارات مكثفة، على غرار ما تعرضت له مناطق وأحياء أخرى في قطاع غزة، خلال الأيام الأخيرة.
وشهدت شوارع المحافظتين تراجعاً حاداً في حركة المواطنين والمركبات بسبب اشتداد القصف بشكل عام، المتزامن مع التحليق المكثف لطائرات الاحتلال المقاتلة والمسيّرة.
ويخشى المواطنون من تصاعد وتيرة القصف والاستهدافات بالتزامن مع استمرار المفاوضات غير المباشرة بين الاحتلال و"حماس" في قطر، للتوصل الى تهدئة، حيث ينتظر المواطنون ببالغ القلق ما ستسفر عنه الساعات القادمة.
ويرى المواطنون أن انهيار المفاوضات سيكون كارثياً بالنظر لتهديدات الاحتلال بتوسيع عدوانه على القطاع ليشمل معظم المناطق. ويتأهب المواطنون لمثل هذا الخيار بإمكانات معدومة في ظل المجاعة التي تعصف بالقطاع منذ شهرين ونصف الشهر.
وتعتبر عمليات الإخلاء الأكبر منذ إنذار جيش الاحتلال لجميع سكان محافظتي غزة والشمال بإخلاء المحافظتين في الأسبوع الأول للعدوان على القطاع قبل أكثر من عام ونصف العام.
0 تعليق