"الأيام" تنقل مشاهد جديدة من العدوان المُتواصل على غزة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:


يعيش سكان قطاع غزة تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المُتصاعد، وما يرافقه من غارات، ومجازر، وقصف مدفعي، وخروج مستشفيات عن الخدمة.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان وتداعياته، منها مشهد تحت عنوان "خان يونس دماء وأشلاء"، ومشهد آخر يوثق تداعيات خروج المستشفى الأوروبي في خان يونس عن الخدمة، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على عودة الأحزمة النارية التي خلّفت الموت والرعب.

 

خان يونس.. دماء وأشلاء
عاش المواطنون في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، واحدة من أصعب الليالي وأكثرها دموية، بعد أن ارتكب الاحتلال مجازر مروّعة في المحافظة، شملت جميع أحيائها، وأدت إلى سقوط عشرات الشهداء، وأكثر من 150 جريحاً.
وتعرضت منازل وخيام، ومارة لقصف جوي متواصل ومُكثف، لم تشهده محافظة خان يونس منذ 18 آذار الماضي، وجميع الغارات استهدفت منازل مأهولة، واستخدم الاحتلال خلالها قنابل كبيرة، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية على خان يونس 15 منزلاً على الأقل، جميعها مأهولة، عُرف منها منزل لعائلة "اللحام" وسط خان يونس، وآخر لعائلة "أبو خاطر"، جنوب المدينة، ومنزل يعود لعائلة "الزيتاني" في منطقة القرارة، وما زال هناك 10 شهداء تحت الأنقاض حتى اللحظة، كما جرى استهداف غرفة الإدارة في مبنى "جولدن مول" بالقرب من دوار بني سهيلة شرق خان يونس، واستهدفت الطائرات منزلين لعائلة "البيوك"، وآخر لعائلة "كوارع"، وخيمة في المواصي، ومنزلاً لعائلة "أبو عيد"، ومنزلاً تعود ملكيته لعائلة "البردويل"، كما قصفت طائرة حربية منزلاً لعائلة "أبو هداف"، بينما استهدفت طائرات منزلاً لعائلة "أبو طعيمة"، وقصفت منزلاً آخر لعائلة "العمور".
وتوافد الشهداء والجرحى على مستشفيات غرب محافظة خان يونس، لاسيما مستشفى ناصر، الذي غص بعشرات الجرحى، بينما امتلأت ثلاجات الموتى بالجثامين، من بينهم أطفال ونساء.
كما هُرع مئات المواطنين إلى مستشفى ناصر، حيث جرى توديع الشهداء، وأداء صلاة الجنازة عليهم، قبل أن يُنقلوا إلى المقابر المجاورة لمواراتهم الثرى، وسط أجواء من الحزن الممزوج بالغضب.
وقال المواطن محمود البيوك، أحد المُشاركين في التشييع، إن ما يحدث ليس حرباً ولا قتالاً، بل هو إبادة جماعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حيث جرى في خان يونس تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، بعد قصفها من الجو.
وأشار البيوك إلى أكفان صغيرة بداخلها جثامين أطفال، وقال ما ذنب هؤلاء كي يُقتلوا بهذه الطريقة البشعة وهم نائمون؟
وأضاف: كل صامت في العالم على ما يحدث في غزة هو مُشارك في الجريمة، وعلى العالم بأسره التحرك لوقف هذه المجازر، التي باتت سلوكاً إسرائيلياً يومياً، فيوم الأربعاء كان شمال القطاع، وأمس خان يونس.

 

المستشفى الأوروبي خارج الخدمة
مازال مستشفى غزة الأوروبي، أحد أكبر وأهم مستشفيات قطاع غزة، خارج الخدمة تماماً لليوم الثالث على التوالي، بعد الغارات العنيفة التي شهدها محيط المستشفى قبل عدة أيام.
ووفق وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية للمستشفى، كخطوط الصرف الصحي، وتضرر الأقسام الداخلية، وتدمير الطرق المؤدية للمستشفى.
ويُشاهد الدمار في محيط المستشفى، وداخله، حيث هناك حُفر عميقة، وطرقات مُدمرة، في حين جرى تحطيم وتدمير واجهات الغرف، وتخريب أجهزة طبية، وانقطاع خدمات عن المستشفى.
وأكدت الوزارة أن الاستهداف المُتكرر للمستشفى يستحيل معه تقديم الرعاية الطبية، لما يشكّله من خطورة على الطواقم الطبية والجرحى والمرضى، موضحة أن توقف المستشفى عن العمل يعني توقف تقديم خدمات تخصصية، كخدمات جراحة الأعصاب، وجراحة الصدر، ومركز القسطرة القلبية، وجراحة القلب والأوعية الدموية، والعيون، والتي لا تتوفر إلا في المستشفى الأوروبي، وهذا الأمر يعني أن مئات المرضى يواجهون خطراً مُحدقاً على حياتهم.
كما أن مستشفى غزة الأوروبي هو المستشفى الوحيد الذي يُقدم المتابعة الطبية لمرضى السرطان في قطاع غزة، بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي، وخروج المستشفى عن العمل يعني حرمان مرضى السرطان من متابعة "البروتوكولات" العلاجية، ومضاعفة أوضاعهم الصحية.
والمستشفى يضم 28 سرير عناية مركّزة، و12 حاضنة أطفال، و260 سريراً للمبيت، و25 سريراً للطوارئ، و60 سريراً مُخصصة لمرضى الأورام، عدا أقسام ميدانية أقيمت لتوسعة المستشفى.
وجرى تسريح عدد كبير من الجرحى والمرض من المستشفى، وتوزيع آخرين على المستشفيات الأخرى في محافظة خان يونس، وهذا خلّق حالة من التكدّس الكبير في المستشفيات التي تعاني أصلاً من التكدّس، حيث شوهدت أسرّة المرضى في ممرات المستشفيات، وسط أوضاع كارثية.
كما أسهم توقف المستشفى في دفع عدد كبير من المواطنين القاطنين في محيطه إلى ترك منازلهم والنزوح، كون المستشفى كان يخلق حياة في تلك المناطق، لاسيما مع استمرار الغارات.

 

"الأحزمة النارية"
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً في الغارات الجوية على مختلف مناطق قطاع غزة، لاسيما جنوبه وشماله، مع العودة إلى استخدام سياسة "الأحزمة النارية"، وهي عبارة عن سلسلة غارات جوية متزامنة تستهدف مربعاً صغيراً، حيث يزيد عدد القنابل التي يتم إلقاؤها باتجاه منطقة محددة على 10، بعضها تكون خارقة للحصون.
وتعرضت المنطقة المحيطة بمستشفى غزة الأوروبي، جنوب شرقي محافظة خان يونس، لعدة أحزمة نارية خلال ساعات معدودة، كان أكبرها عصر الثلاثاء الماضي، بعد إطلاق 9 قنابل كبيرة "خارقة للحصون"، باتجاه منطقة صغيرة، تبعتها أحزمة نارية شمال القطاع، تسببت بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، ودمار كبير في المناطق التي جرى استهدافها.
وتسبب الحزام الناري الأخير في محيط المستشفى الأوروبي بدمار كبير، وحالة هلع واسعة، دفعت مئات المواطنين إلى النزوح عن مساكنهم، إذ قال المواطن محمد العمور، إن ما حدث كان أكبر من قصف، وما شاهدوه وسمعوه كان عبارة عن أهوال لم يسبق أن مروا بها في حياتهم.
وأكد أن إسقاط قنابل كثيرة وكبيرة دفعة واحدة، على منطقة صغيرة، من شأنه تحويل المنطقة إلى جحيم، وقد شاهد جثامين الشهداء والجرحى تتطاير، وأعمدة الدخان تتصاعد، وسمع صُراخ المواطنين، وشاهد جثامين دفنت بسبب تلك الأحزمة.
وأشار إلى أن المنطقة بأسرها تمت تغطيتها بطبقة من الرمال الممزوجة بغبار الصواريخ، ومازالوا يشتمون روائح كريهة، ما أجبر مَن بقي من مواطنين في هذه المناطق على النزوح، خاصة أنها تعرضت لاحقاً لحزام ناري آخر.
وبيّن الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، أن طواقم الإنقاذ انتشلت عشرات الشهداء والجرحى جرّاء الأحزمة النارية التي استهدفت محيط المستشفى الأوروبي، لا سيما منطقة عائلة الأفغاني، مشيراً إلى أن القصف المباشر والأحزمة النارية التي طالت المكان، تسبّبت بدمار واسع في منازل المدنيين، فيما جدّد الاحتلال القصف بعد وصول طواقم الدفاع المدني إلى الموقع.
بينما قالت المواطنة المُسنة فاطمة حسن، التي وصلت وسط خان يونس نازحة من محيط مستشفى غزة الأوروبي، إن ما شاهدته وسمعته لم يسبق أن مر عليها في حياتها، فقد شعرت وكأن القيامة قامت في لحظة، موضحة أن الانفجارات جعلت الأرض تهتز من تحتها، والشظايا تطايرت على مسافات بعيدة، ورائحة الموت والبارود ملأت المكان.
ولفتت إلى أنها تركت منزلها الذي كانت ترفض تركه طوال الفترات الماضية، وتخشى أن تواجه نفس السيناريو في منطقة نزوحها الجديدة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق