كتب خليل الشيخ:
على عَجل لملم المواطن ياسر العجلة (37 عاماً) أغراضه الشخصية، وحمل أبناؤه حقائبهم على ظهورهم، وغادروا خيمتهم المقامة بجوار مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
لم يعرف أفراد أسرة المواطن "العجلة" مقصدهم، وساروا في الشوارع هائمين وتائهين لا يعرفون أين المصير وإلى أين سيذهبون، لكن الأهم وهو الامتثال للتهديدات التي أطلقتها قوات الاحتلال لإخلاء المنطقة المحيطة بالمستشفى، حفاظاً على حياتهم وسلامتهم.
وصار النزوح والبحث عن ملاذ جديد أمراً صعباً ومعقداً بالنسبة للغزيين، الذين يكافحون من أجل الحصول على مكان آمن، بعيداً عن صواريخ وقذائف الاحتلال، في أعقاب موجات التهديد وأوامر الإخلاء غير المسبوقة التي تطلقها قوات الاحتلال.
وتتشابه صور ومشاهد النزوح والتهجير في مختلف مناطق قطاع غزة، سواء في شمال مدينة غزة أو غربها أو في مناطق شرق ووسط مخيم جباليا وبلدتي جباليا وبيت لاهيا، وفي مناطق شرق ووسط خان يونس.
وقال المواطن العجلة: "أنا لا أعرف إلى أين سأتوجه وين بدي أروح بأطفالي وخواتي، فكرنا اننا سننزح هنا إلى حين العودة إلى منزلنا في حي الشجاعية".
وكانت قوات الاحتلال أطلقت عدة أوامر بالإخلاء في مناطق جغرافية واسعة من قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين، ونشرت على مواقع التواصل خرائط لمربعات سكنية، وضرورة إخلائها، دون الإشارة لوجود مناطق آمنة يمكن التوجه إليها.
أسرة "العجلة" كانت من بين مئات الأسر التي أخلت خيامها فور وصول التهديد لتلك المنطقة، فجميع هؤلاء حرصوا على مغادرتها لأنهم لم يعلموا ماذا سيكون وراء التهديد الإسرائيلي، وسادت الفوضى والخوف بين النازحين الذين كانوا في محيط الجامعة الإسلامية، وهي إحدى المناطق التي تم إصدار تهديدات بإخلائها.
من جهتها، قالت "أم عائد" في الأربعينيات من عمرها، إنها غادرت خيمتها وتوجهت للنزوح في مستشفى الشفاء اعتقاداً منها بأنه مكان آمن بعد أن سمعت بتهديد محيط الجامعة الإسلامية.
وأضافت: "أول ما وصلت فكرت أقعد مع أطفالي هناك بس تفاجأت أنو الناس بطلعوا وبشردوا، وقتها أنا كمان طلعت وصرت امشي بالشوارع ومش عارفة وين أروح".
وازدادت حركة المركبات و"التكتك" وهي تنقل الأسر من مناطق الشفاء ومحيط الجامعات، وشرق مخيم الشاطئ، باتجاه أحياء النصر وشارع الجلاء.
وأشار فضل الدردساوي (50 عاماً) إلى أنه تقل من خلال "تكتك" أغراض عدد من أسر أقربائه وتوجه بها إلى ساحة خالية في محيط شارع الجلاء، وقال: "اعتقدنا أن تلك المنطقة آمنة، لكنها لم تعد كذلك بعد أن شهدت قصفاً جوياً خلال الليلتين الماضيتين".
وبدت علامات الشقاء والإرهاق على وجوه وأجساد هؤلاء النازحين ولسان حالهم يقول أين المفر؟ وأين اللجوء وأين هي المنطقة الآمنة؟.
"يعتقد الناس أن تلك المناطق آمنة من القصف، وهو ما يدفعهم إلى المجيء إلى هنا"، قال المواطن إبراهيم النجار (45 عاماً) الذي ينزح في خيمة قبالة منزله في مخيم جباليا، موضحاً أن تلك المنطقة ستكون مهددة بالقصف في حال أعادت قوات الاحتلال سلسلة الاستهدافات الجوية.
وكانت قوات الاحتلال طالبت السكان بترك منازلهم دون توجيههم إلى منطقة معينة، فمنشورات التهديد تطالب بالإخلاء فقط، وهو ما دفع هؤلاء إلى التكدّس في الشوارع والطرق العامة، حسب المواطن النجار.
0 تعليق