دردشة مع الشاعر ماجد أبو غوش: لا أكتب دفاعاً عن نفسي! - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

حاوره زياد خدّاش:

كيف أقدم ماجد؟ صاحب الابتسامة التي ما إن تشرق من بعيد حتى أشعر أن يومي بخير، قد يبدو ماجد قاسياً حين يغضب على مؤسسة تجاهلته أو كاتب "ثقّل دمه" معه، لكنه سريع الحب والشعر والرضا، تماماً مثل نصه الذي يشبه لحظة غرق في نشوة "الآن".
كل صباح مبكر ألتقي ماجد في شارع الإرسال، يكون هو في سيارته ذاهباً إلى عمله طاهياً في مطعم قريب، وأكون أنا في قلبي المتوتر أسرع في المشي، تخرج يد ماجد من نافذة السيارة، محيية، أعطيه تحيتي وأمضي، وأتخيله بعد قليل غارقاً في رغوة صحون، أو نص.
يكتب ماجد قصصاً للأطفال ولديه روايات للكبار، وشعر كثير، ولديه ذاكرة مطبعة شهيرة طبعت للعديد من الشعراء في فلسطين وخارجها، وكان مكتبه في المطبعة مقصد العديد من شعراء البلاد.
أتذكر أني في بداياتي كنت أجلس أمامه متوتراً عارضاً عليه طبع كتاب قصصي لي، وقد حدث وأن أهداني مجاناً طباعة 500 نسخة من كتاب "خذيني إلى موتي".. لدى شاعرنا قدرة كبيرة على الحكي، الحكي المأساوي والفكاهي، والذي يشبه مسرحاً أو فيلماً قصيراً، أو مقدمات كتب جديدة.. هذه دردشة معه:

* تعمل في مطعم طاهياً.. أراك صباحاً جداً مثابراً تأتي إلى المطعم.. أحييك وتحييني. وتطل في رأسي فكرة: الشعر هو تماماً مثل جلي الصحون.. أنت قد تفرك الصحن وتزيل عنه الطعام السابق، وفي القصيدة أنت تفرك الكلمات المستعملة لتزيل عنها أو لتخفي أثر الآخرين، وتقدّم للزبون أو القارئ طعاماً أو نصّاً جديداً.. ما رأيك؟
- كما قلت أكثر من مرّة، أنا أحب إطعام الناس، كان الأمر هواية وتحول إلى عمل مدفوع الأجر لأسباب معيشية، والأمر المهم أنني أعمل بشكل حرّ كي أكتب بحرية، ولا ألجأ إلى الرقابة الذاتية، في عملي أراقب نفسيات الزبائن المختلفة والمتناقضة، مثل "الشحاذ" في مسرحية "المحطة" لفيروز، لا إرادياً، أبحث عن أبطال للكتابة.. نعم صحيح، في عملية الطبخ وتنظيف الأطباق ترافقني القصيدة، وهذا له بعد جمالي، وأيضاً يقلل من تعب عمل 12 ساعة يومياً.
* منذ سنوات طويلة تكتب الشعر.. لماذا أحسّ يا ماجد أن الشعر بالنسبة لك هو طريقة دفاع عن النفس؟
- أبداً هو ليس كذلك، لا أكتب دفاعاً عن النفس، أكتب كأنّي أغني، أكتب أحياناً من باب التجلي، وأغلب الوقت أكتب من باب تبنّي مفاهيم الجمال والانتصار للحرية.
* حيفا ويافا بحراً وحبيبة وسمكاً، هو موضوعك الأثير في الكتابة.. أحب أن أقرأ نصوص البحر لديك والتي تبدو وكأنها مظاهرة هادئة ضد الاحتلال.. ما الذي يعنيه لك البحر في الحياة والقصيدة؟
- ألسنا سكان مدن السواحل، نسكن المخيمات ومدن اللجوء وعيوننا ترنو إلى البحر؟
وأظن أن الأمر لن يستقيم حتى نعود، نعود إلى مدن السواحل جيراناً للرمل والموج، نعود إلى رائحة البرتقال وبيوتنا القديمة، نحمل شهداءنا ونعود إلى النوافذ التي تطل على رائحة البحر.
* الصنارة التي تصيد بها سمك يافا.. كم قصيدة خرجت منها؟
- كل المدن عداها مفردات، ويافا وحدها كل.. ليس فقط قصائد، بل حياة مختلفة،عندما تمضي إلى يافا حتى لو لساعات قليلة لا تعود أنت، عندما تلمع وترتجف قلوب وعيون اللاجئين كلما وزعت عليهم حصتي من الصيد في بحر يافا أو عكا أو أسدود، ستدرك حينها أن هذه قصيدة.
* غزة تموت يا ماجد ومن المحتمل أن تختفي هل تشفق على الشعر مثلي؟
- غزة تقاوم وستنتصر، أبداً الشعر الحقيقي بخير.
* كنت شيوعياً يوماً ما وتعرضت للسجن والمطاردة.. ما الذي منحك إياه هذا الفكر وهذه المطاردة؟
- وما زلت، الفكر الشيوعي طريقة حياة وليس فقط الانتماء لتنظيم أو لحزب يتبنى النظرية الماركسية اللينينية، هذا الفكر يعني انحيازك المطلق للحرية والمساواة، حرية المرأة وحرية الوطن، مقاومة الظلم والقهر، النضال لجعل هذا العالم حراً وجميلاً.
الاعتقال والمطاردة عرفتني على أناس أجمل مني، وصقلت شخصيتي الحرة، عرفتني على الجانب الآخر للحياة، الموت، حررتني من الخوف، الذي هو نتاج التخلف والغرب الاستعماري.
* دخلت في مغامرة الرواية يا ماجد هل علقت في وحلها؟ هل ندمت أم ازددت قناعة بأنها خيار صديق وممتع؟
- أنت تعني عسلها، كما قلت مرات عديدة: حضر لديّ نص لا يحمله إلا الرواية، وكانت الرواية الأولى "عسل الملكات"، لأكتشف حقلاً أو غابة جديدة للكتابة بتوسع وبفانتازيا وبجنون الرواية الرابعة "عتبة الجنون".. على العكس ما زالت تستهويني كتابة الرواية، وسأستمر.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق