عاجل

المجموعات الكردية في سوريا بين الاندماج والحكم الذاتي - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تشهد سوريا مرحلة حساسة في التعامل مع المجموعات الكردية، وسط مخاوف دمشق وأنقرة من أي انفلات قد يؤدي إلى الفوضى أو تقسيم الأراضي السورية.

وتأتي هذه المخاوف في سياق اجتماعات وتباحثات سياسية بدأت تتبلور نحو تسريع آليات الاندماج بين المجموعات الكردية والدولة السورية، وسط تحديات كبيرة على الأرض ومعضلات مستمرة على صعيد السيادة والقرار المحلي.

تحذيرات دمشق من الفوضى والتقسيم

خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان، شدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على خطورة دعم الفوضى في سوريا، موضحا أن بلاده تواجه تحديات كبيرة نتيجة التدخلات الخارجية التي تهدف إلى خلق وقائع تقسيمية على الأرض.

وقال الشيباني إن "سوريا مصممة على حماية سيادتها ووحدة أراضيها، ولن تسمح لأي جهة خارجية بتقويض هذا الهدف".

وأكد الشيباني أن دمشق تسعى إلى معالجة القضايا الداخلية عبر الحوار الوطني بين السوريين، مشددا على أن أي تدخل خارجي في ملفات مثل القامشلي أو المناطق الكردية يعد "مساسا بالسيادة الوطنية"، ويهدد الاستقرار الذي تسعى الحكومة إلى ترسيخه بعد سنوات من الحرب والمعاناة.

وفي المقابل، دعا فيدان المقاتلين الأكراد، من وحدات حماية الشعب ومجلس سوريا الديمقراطية، إلى الالتزام باتفاقيات الاندماج مع الحكومة السورية، مؤكدا على "ضرورة القضاء على أي تهديدات من عناصر مسلحة ضمن مناطقهم لضمان الأمن والاستقرار".

المعضلة الكردية: بين الاندماج واستقلال القرار

يواجه الأكراد في سوريا اليوم خيارا صعبا بين الاندماج مع الدولة السورية، الذي يفرض استحقاقات سياسية وعسكرية واضحة، وبين حلمهم في حكم ذاتي واسع ضمن مناطقهم.

ووفق تحليلات الكاتب الصحفي هوشنك حسن خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، فإن هذه المعضلة تشكل "قضية تؤرق دمشق وأنقرة في الوقت ذاته"، لأنها تتعلق بمستقبل المناطق الكردية والسيطرة على الموارد والمكتسبات العسكرية والإدارية التي حققتها خلال سنوات النزاع.

وأوضح حسن أن "المفاوضات بين دمشق والقامشلي تمثل محاولة لتسوية الملف الكردي داخليا بعيدا عن أي تدخل خارجي، وهو ما قد يوفر للأكراد فرصة الاحتفاظ بمكاسبهم في حال التزامهم بالشروط السورية للاندماج. لكن هذا المسار ليس خاليا من العقبات، إذ أن الخيارات المتاحة أمام الأكراد تبقى محكومة بين الاستحقاقات الوطنية ورغباتهم في الحكم الذاتي، ما يجعل العملية السياسية معقدة وحساسة للغاية".

الدور التركي: التدخل السلبي وتأثيره على المفاوضات

وفق حسن فإن الدور التركي في الملف السوري منذ عام 2016 كان سلبيا، إذ استغلت أنقرة الأزمة السورية لتحقيق نفوذ سياسي وعسكري في شمال سوريا، وخصوصا في المناطق الكردية.

وأشار حسن إلى أن تركيا "تخشى فقدان المكاسب التي بنتها خلال سنوات الحرب السورية، وتسعى لتنفرد بالملف السوري بما يخدم مصالحها"، مستشهدا "بسيطرتها على مناطق مثل عفرين ومنع النازحين من العودة إليها منذ احتلالها عام 2018".

واعتبر حسن أن التدخل التركي السلبي يشمل جوانب سياسية وعسكرية، إذ تعيق أنقرة تطبيق اتفاقية 10 مارس المتعلقة بإعادة النازحين وضمان حقوق المجتمعات الكردية.

وتابع حسن قائلا: "هذا الدور التركي ساهم في تأخير المفاوضات بين دمشق والقامشلي وأثر على استقرار المناطق الكردية، وأدى إلى استمرار التوترات الأمنية والمعاناة الإنسانية".

الولايات المتحدة وأوروبا: دور الوساطة الدولي

في ظل التحديات الإقليمية، يرى محللون أن الحلول السورية-الكردية بحاجة إلى دور وساطة دولي فاعل، يتمثل في متابعة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا للمفاوضات، لضمان التزام الطرفين ببنود الاتفاق.

وحول هذه النقطة، يقول حسن إن الوسطاء الدوليين يمكن أن يكونوا عنصرا محوريا في ضبط أي تجاوزات محتملة من الأطراف المتحاورة، وضمان تطبيق الاتفاق بشكل عادل على الأرض.

وبيّن أن "السلام والحوار هما السبيل الأمثل لحل المعضلة الكردية في سوريا، وأن القامشلي ودمشق أبديا استعدادا للتعاون ضمن هذه الآليات، مع الاعتماد على الوساطة الدولية لضمان تحقيق الاستقرار السياسي والأمني".

التحديات العسكرية والإدارية للأكراد

يبقى سؤال الاحتفاظ بالمكتسبات العسكرية والإدارية للكرد أحد أبرز القضايا المعقدة، إذ يشير حسن إلى أن هذا مرتبط بعدة عوامل أساسية هي:

1. الالتزام بالقوانين السورية والإطار الدستوري لضمان إدارة شؤونهم المحلية دون المساس بالسيادة الوطنية.

2. حماية حقوق السكان المحليين والعودة الآمنة للنازحين إلى مناطقهم، خصوصا في ظل استمرار وجود الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا.

3. التقليل من التدخلات الخارجية التي قد تؤثر على تطبيق الاتفاق بشكل متوازن.

4. دور الوسطاء الدوليين في مراقبة تنفيذ الاتفاق، خصوصا في المناطق الحساسة التي تضم موارد نفطية أو مراكز استراتيجية.

وحسبما أشار حسن فإن أي إهمال لهذه النقاط قد يؤدي إلى تمديد حالة الفوضى أو خلق "حقائق ميدانية جديدة" تضعف فرص الحل الشامل.

فرصة تاريخية للتسوية السورية-الكردية

يبقى مستقبل المجموعات الكردية مرتبطا بالقدرة على التوصل إلى حل سياسي عادل يحمي مكتسباتهم ويضمن وحدة الأراضي السورية.

ويعتبر دور تركيا والحدّ من تدخلاتها السلبي، إلى جانب الوساطة الدولية الفاعلة، عاملا حاسما في نجاح هذه التسوية.

وتظل سوريا أمام فرصة تاريخية لتجاوز عقود من النزاع، عبر حوار داخلي شامل قائم على سيادة الدولة، يضمن حقوق الجميع دون تدخلات خارجية، ويعيد بناء الثقة بين الحكومة السورية والمجتمعات الكردية، ويؤسس لمرحلة استقرار دائمة تعيد الأمن إلى شمال البلاد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق