خطوات إماراتية متسارعة لتعزيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج رائد في تبني استراتيجيات استباقية لتعزيز تنافسيتها وتنويع اقتصادها الوطني؛ فمن خلال رؤية قيادتها الرشيدة، استطاعت الدولة تحقيق إنجازات ملموسة في مختلف القطاعات، مما يرسخ مكانتها كمركز اقتصادي عالمي.

تعكس السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة مدى التزامها بتحقيق تنمية مستدامة قادرة على مواجهة التحولات العالمية والتقلبات الاقتصادية. فقد تبنّت الإمارات نهجاً يقوم على المرونة والتخطيط طويل المدى، ما مكّنها من بناء قاعدة اقتصادية متينة ومتنوعة، تتسم بالابتكار والانفتاح على الأسواق العالمية.

وفي قلب هذا النموذج التنموي المتطور، يأتي الاستثمار في القطاعات المستقبلية ليعكس توجه الدولة نحو اقتصاد معرفي يعتمد على التكنولوجيا والبحث والتطوير. كما تشكل البنية التحتية المتقدمة والبيئة التشريعية المحفزة ركيزتين أساسيتين في دعم هذا التحول، بما يعزز من تنافسية الدولة على الساحة الدولية.

وتولي الإمارات أهمية متزايدة لتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتمكين الصناعات الوطنية، إلى جانب دعم ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما يسهم في خلق منظومة اقتصادية أكثر شمولاً واستدامة. هذا التوجه يعزز من فرص التوظيف ويزيد من مرونة الاقتصاد في مواجهة التحديات.

في هذا الإطار، يبرز منتدى "اصنع في الإمارات" كمنصة وطنية استراتيجية تستعرض قصص النجاح وتفتح نوافذ جديدة للاستثمار والتعاون، مما يؤكد التزام الدولة بتعزيز قدراتها الصناعية ورفع مساهمة المنتجات الوطنية في مسيرة التنمية الاقتصادية.

تجربة الإمارات الرائدة

الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن التنويع الاقتصادي يُمثل عملية توسيع القاعدة الاقتصادية للدولة لتقليل الاعتماد على قطاع اقتصادي واحد (الموارد الطبيعية مثل النفط أو الغاز)، وزيادة مساهمة قطاعات متعددة مثل الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات، والتكنولوجيا في الناتج المحلي الإجمالي.

ويشير إلى أن أهداف التنويع الاقتصادي  في الإمارات متنوعة، على النحو التالي:

تقليل المخاطر، لا سيما أن تقلب أسعار السلع (مثل النفط) قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية إذا كانت الدولة تعتمد عليها بشكل كبير. خلق فرص عمل. تحقيق التنمية المستدامة. جذب الاستثمارات، مع وجود بنية اقتصادية متنوعة تشجع المستثمرين المحليين والأجانب. زيادة التنافسية، ذلك أن الدول ذات الاقتصاد المتنوع تكون أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.

ويضيف: "الإمارات تضرب مثالاً حياً في نجاح شراكاتها العالمية حيث تتواجد أذرعها الاستثمارية في أكثر من 90 سوقاً خارجية". ويشير إلى التطور الحادث في قطاعات السياحة والطيران والعقارات والخدمات المالية، وكذلك الاتصالات والصناعة بكل تأكيد، والضيافة والقطاع اللوجستي وغير ذلك.

ويستطرد الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قائلاً:

تهدف رؤية 2031 لتقليل الاعتماد على النفط من خلال تنمية قطاعات مثل السياحة والذكاء الاصطناعي وتشجيع القطاع الصناعي بالتحديد ليلعب دور محوري في المعادلة الاقتصادية الإماراتية استخدمت أبوظبي أيضاً في سياستها الاقتصادية عوائد النفط لتطوير صناديق سيادية ودعمت قطاعات أخرى مثل الخدمات والصناعة. تُشكل "نحن الإمارات 2031" رؤية جديدة وخطة عمل وطنية تستكمل من خلالها دولة الإمارات مسيرتها التنموية للعقد المقبل وتركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية. من خلال هذه الرؤية ، تهدف الدولة إلى تعزيز مكانتها كشريك عالمي، ومركز اقتصادي جاذب ومؤثر.

ويُبرز الجروان أبرز وسائل تحقيق التنويع الاقتصادي، وأهمها: الاستثمار في البنية التحتية لتسهيل نمو القطاعات المختلفة، فضلاً عن تحسين التعليم والتدريب المهني لبناء قوى عاملة قادرة على العمل في قطاعات متنوعة، وكذلك تشجيع ريادة الأعمال: لدعم الابتكار وخلق شركات جديدة، بالإضافة إلى تطوير السياسات الضريبية والجمركية لتحفيز نمو القطاعات غير النفطية.

ويختتم حديثه قائلاً: نجحت الإمارات في تنفيذ محكم لسياستها الاقتصادية التي اعتمدت على أساس التنويع الاقتصادي واليوم تجني ثمار سياستها المنفتحة؛ إذ تدخل عدة قطاعات -وخاصة الصناعية منها- مرحلة نمو غير مسبوقة لتكون الصناعة عاملاً مهماً في المعادلة الاقتصادية الإماراتية.

وفي سياق جهود الدولة المتواصلة لتعزيز التنوع الاقتصادي، تبرز أهمية إشراك القطاع الخاص باعتباره عنصراً محورياً في منظومة التنمية الشاملة. وقد أدركت الإمارات مبكراً أن بناء اقتصاد مرن ومتنوع لا يتحقق إلا من خلال شراكات استراتيجية تجمع بين الحكومة والمؤسسات الوطنية الرائدة، وهو ما يتجسد بوضوح في المبادرات الطموحة التي تحتضنها الدولة، ومن بينها منتدى "صُنع في الإمارات".

النموذج الإماراتي

ونقلت وكالة "وام" عن المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030، الدكتور محمود محيي الدين، قوله إن دولة الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها نموذجا رائدا في المنطقة في مجالات تنويع الاقتصاد، والاستثمار في القطاعات المستقبلية، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة.

وأوضح محيي الدين أن:

الإمارات نجحت في تحقيق معدلات نمو قوية، مدفوعة بزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية، وارتفاع الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة، وذلك رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتقلبات في الأسواق الناشئة. السياسات الاقتصادية الإماراتية ركّزت على تعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتوسيع مجالات الاستثمار في الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر، إلى جانب الاستخدام السلمي للطاقة النووية. الإمارات تعتمد بشكل متسارع على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، ليس فقط كوسيلة لرفع كفاءة الأداء، بل كركيزة أساسية لتعزيز التنافسية الاقتصادية وخلق فرص جديدة للنمو، مشيداً بجهود الدولة في تطوير البنية التحتية الرقمية، ودعم المشاريع الابتكارية وريادة الأعمال.

استراتيجية الدولة

ويقول المدير العام لشركة "تروث" للاستشارات الاقتصادية في أبو ظبي، رضا مسلم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

منذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة كانت النظرة الثاقبة للمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الدولة، واضحة منذ البداية؛ فقد كان النفط هو المصدر الأول والوحيد تقريبًا للدخل عند تأسيس الدولة، إلا أنه بذل جهوداً كبيرة وأصدر توجيهات سامية بأن النهوض بالدولة لا بد أن يشمل مختلف قطاعات الناتج المحلي الإجمالي. في سبعينات القرن الماضي كنا نتحدث عن أهمية أن تتخلى الدولة، في المستقبل، عن الاعتماد على الصناعات الاستخراجية مثل النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل. واليوم، ما وصلت إليه الإمارات هو امتداد لهدف استراتيجي منذ التأسيس وهو ألا تعتمد الدولة على مصدر دخل واحد، بل تسعى إلى تنويع مصادر دخلها.

ويشير مسلم في هذا السياق إلى  التنوع الاقتصادي القائم على الخصوصية الجغرافية والاقتصادية في الإمارات (..).

وعن القطاع الصناعي، يقول: "هو القطاع الرائد الذي يشكّل قاطرة لبقية القطاعات الاقتصادية"، منبهاً أيضاً إلى دور القطاع العقاري (..) وبما يُبرز تنويع مصادر الدخل في الدولة، حيث تنشط قطاعات مختلفة، بما  في ذلك القطاع السياحي.

وكان رئيس دائرة التنمية الاقتصادية- أبوظبي، أحمد جاسم الزعابي، خلال مشاركته في جلسة حوارية في اليوم الأول من النسخة الرابعة لمنتدى (اصنع في الإمارات)، قد ذكر أن إستراتيجية أبوظبي الصناعية أسهمت، منذ إطلاقها في يونيو 2022، في نمو ناتج القطاع في الإمارة بنسبة 23 بالمئة، من 90.8 مليار درهم في عام 2022 إلى 111.6 مليار درهم في العام 2024، وارتفاع عدد المنشآت الصناعية من 925 في العام 2022 إلى 1104 في العام 2024 بنسبة نمو بلغت 19.4 بالمئة.

وقال الزعابي: "تمكنت دولة الإمارات من بناء منظومة حيوية تستقطب وتُمكِن المواهب المتطورة والاستثمارات النوعية، الأمر الذي يعكسه نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع الصناعي. ونجحت إستراتيجية دولة الإمارات الصناعية في وضع الأطر الملائمة لدعم نمو القطاع الصناعي مع التركيز على تعزيز مرونته بهدف التعامل الفعّال مع الاتجاهات الناشئة والتحديات والتغييرات المتسارعة عبر برامج مثل تنمية وتطوير الكفاءات والمواهب، والتمويل، وسهولة ممارسة الأعمال وسلاسل الإمداد، والمحتوى الوطني، والاستدامة، والثورة الصناعية الرابعة، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق