"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المُستمر على القطاع - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب محمد الجمل:

 

لا يزال سكان القطاع يواجهون المجازر والتهجير والجوع بشكل يومي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على جميع المناطق دون توقف.
"الأيام"، تواصل رصد مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد بعنوان "150 يوماً على تجدد العدوان"، ومشهد آخر يُسلط الضوء على استمرار قتل الصحافيين، بهدف كتم صوت الحقيقة، ومشهد ثالث بعنوان "هندسة الإبادة".

 

150 يوماً على تجدد العدوان
مر أكثر من 150 يوماً على تجدد العدوان ضد القطاع، في الثامن عشر من آذار الماضي، بعد انقلاب الاحتلال على اتفاق التهدئة الأخير، ورفض استكمال مراحله الثانية والثالثة.
واتسم العدوان منذ تجدده بالعنف والدموية بشكل غير مسبوق، إضافة لعمليات تدمير واسعة وشاملة للمحافظات في القطاع، خاصة رفح، خان يونس، وشمال القطاع.
كما بدأ الاحتلال منذ تجدد العدوان بفرض التجويع القاسي على سكان القطاع، ما دفع المواطنين للتوجه إلى مراكز توزيع المساعدات الأميركية، أو الوقوف في نقاط انتظار الشاحنات، وهذا تسبب بارتكاب مجازر يومية مُروّعة بحق المجوّعين، حيث يستهدف الاحتلال حشود المواطنين ويقتل العشرات منهم كل يوم.
كما شرع الاحتلال منذ تجدد العدوان إلى توسيع سيطرته على القطاع، فاحتل محافظتي رفح وشمال القطاع، وطرد سكانهما، واحتل نحو 85% من مساحة محافظة خان يونس، ويستعد لاحتلال مدينة غزة بالكامل.
ويؤكد المواطن أحمد فياض أن العدوان دخل بعد تجدده في مراحل مفصلية خطيرة، شملت ثلاثة أمور: أولاً التجويع، ثم المجازر والتدمير، ثم السيطرة على أكبر مساحة ممكنة، وربما يكون ذلك تمهيداً لاحتلال كامل القطاع، وهذا كله يقود للمخطط الأكبر وهو التهجير.
وأوضح فياض أن الاحتلال خدع المفاوضين الفلسطينيين بإبرام اتفاق كان مفترضاً أن يتكون من ثلاث مراحل، ويقود إلى نهاية الحرب، وحكومة الاحتلال كانت تُخطط لتجديده وتوسيعه، بما يخدم مخططات إسرائيلية تم إعدادها سابقاً، تهدف إلى تدمير كامل القطاع، ودفع سكانه للهجرة.
في حين قال المواطن خليل عاشور، إنه يكره الهدن المؤقتة، التي يتجدد العدوان بعدها بشكل واسع، فبعد هدنة شهر تشرين الثاني العام 2023 عاد العدوان بشكل شرس وواسع، ثم حدث ذات الأمر بعد هدنة كانون الثاني العام 2025، وهذا يؤكد أن الاحتلال يستغل الهدن المؤقتة، لتأهيل جيشه والدخول في مراحل أكثر صعوبة وقسوة من العدوان.
وأكد عاشور أنه ومن خلال التجربتين السابقتين، يجب أن يرفض الفلسطينيون أي وقف مؤقت لإطلاق النار، فهذا سيُريح المواطنين قليلاً، لكنه في نهاية الأمر سيجلب عليهم ويلات كبيرة، لذلك استمرار الحرب أفضل من توقفها، ثم تجددها مرة أخرى.

 

إخماد صوت الحقيقة

منذ بدء العدوان على القطاع، قبل أكثر من 22 شهراً، كان الصحافيون هدفاً بارزاً للاحتلال، وجرى قتل العشرات منهم، بعضهم قضوا مع عائلاتهم، بعد قصف منازلهم وخيامهم، وآخرون استشهدوا جراء استهدافهم في مركبات، أو في خيام صحافية مقامة في محيط المستشفيات.
ولوحظ أن الاحتلال يتعمد استهداف الصحافيين الأكثر نشاطاً، وعادة ما يسبق استهدافهم بحملة تحريض ضدهم، يتهمهم فيها بأنهم عناصر مقاومة يتخفون في عملهم الصحافي، كما حدث مع الصحافيين الشهداء إسماعيل الغول، حسن إصليح، وأنس الشريف وغيرهم.
وودع صحافيون زملاءهم الذين قضوا جراء قصف خيمتهم في مجمع الشفاء الطبي قبل يومين، وعلى رأسهم الصحافي أنس الشريف، مؤكدين أن ما يحدث هو جريمة مروّعة، تُرتكب أمام العالم، ولا أحد يُحرك ساكنا، فقد تجاوز عدد الشهداء الصحافيين منذ بدء الحرب حاجز الـ 238 شهيداً.
وأكد إعلاميون في وقفة داخل مجمع ناصر الطبي، مستنكرة لاستمرار قتل زملائهم، أن الاحتلال يواصل قتل الصحافيين، بهدف إسكات صوت الحقيقة، ومنع إطلاع العالم على جرائمه، خاصة أن العالم كله شعوباً وحكومات انقلب على إسرائيل، وأدرك حقيقة ما تفعله في القطاع.
وعلق مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية على جريمة اغتيال الصحافيين داخل المجمع قائلاً: "الاحتلال يحاول إخفاء حقيقة مجازره في القطاع باستهدافه الصحافيين.. نخشى أن يموت سكان غزة في صمت دون أن يسمعهم أحد".
ولخداع العالم، قال رئيس حكومة الاحتلال إنه سيسمح للصحافيين الأجانب بدخول غزة، لكن هذا لم يحدث، ولم يصل أي صحافي، ولم يحدث حتى تنسيق لوصول الصحافيين الأجانب لغزة.
ووفق الصحافي الاستقصائي الإسرائيلي يوڤال أبراهام، فإن جيش الاحتلال وبعد السابع من تشرين الأول، أنشأ في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" فريقاً سُمّي "خلية الشرعية"، يضم عناصر استخبارات يبحثون عن معلومات تساعد على منح "شرعية" لأفعال الجيش في غزة، والمهمة الرئيسة لخلية الشرعية هي العثور على صحافيين غزيين يمكن تقديمهم في الإعلام كعناصر في حماس متخفين، وقد بحثوا بشكل نشط عن صحافيين بهذه الصفة، وأمضوا أياماً كاملة في الأمر، ولم يجدوا، متسائلاً لماذا البحث عن صحافي متخفٍ؟ على حد فهمي، لأن ذلك يمنح "شرعية" إعلامية للقتل القائم للصحافيين بشكل عام، وفق ما يقول الصحافي أبراهام.

 

هندسة الإبادة
لم تعد الإبادة الإسرائيلية لقطاع غزة مقتصرة على البشر، إذ تخطّى مفهوم الإبادة ذلك بكثير، ووصل لإبادة كل معالم الحياة والمستقبل.
وبالتزامن مع المجازر، وقتل النساء والأطفال والشيوخ، يستمر الاحتلال في تدمير ممنهج ومستمر لكل القطاعات الحيوية، بما في ذلك المنازل، البنية التحتية، قطاعا المياه والكهرباء، والصيد، والزراعة، مع توسيع دائرة تلويث القطاع بمواد كيميائية من بقايا الصواريخ والقنابل.
ووفق آخر الإحصاءات فإن قوات الاحتلال دمرت ما يزيد على 70% من منازل ومساكن القطاع، حيث وصلت نسبة الدمار في محافظتي رفح وخان يونس إلى أكثر من 90%، وفي شمال القطاع هناك نسب مشابهة، بينما ثمة تهديد وتلويح بدخول جيش الاحتلال لمناطق جديدة، لم تصلها القوات البرية حتى الآن.
كما دمر الاحتلال ما يزيد على 95% من قطاع الزراعة، عبر تجريف أراضٍ، واقتلاع أشجار مثمرة، واحتلال مناطق واسعة من القطاع، تعتبر أراضيها من أفضل وأجود الأراضي الزراعية، بينما جرى تدمير غالبية مراكب الصيادين، ومنعهم من دخول البحر، ومنع دخول أي معدات صيد جديدة.
كما دمرت قوات الاحتلال قطاعي المياه والكهرباء، بعد أن جرفت وخربت الشبكات، وآبار المياه، ومنعت الجهات المختصة من إعادة إصلاحها.
ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن إسرائيل دمّرت 97% من الثروة الحيوانية والحيوانات العاملة في القطاع بالقصف والتجويع والنهب، وإن الاستهداف الإسرائيلي للثروة الحيوانية يأتي ضمن سياسة مدروسة تهدف لتجويع السكان وتجفيف مواردهم الغذائية، وفرض معاناة إنسانية ونفسية شديدة عليهم، وإن سياسات إسرائيل تُجسّد نمطاً منهجياً ومتواصلاً من الإبادة الجماعية من خلال فرض ظروف معيشية يستحيل البقاء تحتها.
وأوضح المرصد، أن أكثر من 97% من الأبقار والأغنام التي كانت موجودة في غزة قبل الحرب هلكت إمّا بالقتل المباشر نتيجة القصف أو بسبب الجوع، ومن أصل نحو 20 ألف حمار وآلاف الخيول والبغال قبل العدوان نفق نحو 43٪ من هذه الحيوانات حتى آب 2024 فيما تُظهر التقديرات الأحدث أنّ ما تبقى منها اليوم لا يتجاوز 6% فقط، مشيراً إلى أن نفوق أغلب الحمير والبغال يشكل معضلة أساسية لدى السكان لأنها وسيلة النقل الأساسية التي يعتمدون عليها في ظل التعطّل شبه الكامل لحركة النقل بسبب انعدام الوقود.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق